لا نريد هنا الحديث عن هدم بناء الكعبة المشرفة من طرف أشقى الأشقياء اللجاج الثقفي و إنما أردنا الحديث عن نهايته المفزعة بعدما أقدم على قتل التابعي الجليل سيدنا سعيد ابن جبير المرضي .
فسيدنا سعيد ابن جبير نفس مؤمنة، درس العلم عن سيدنا عبد الله ابن عباس حبر الأمة وعن أمنا عائشة أم المؤمنين، مات شهيدا مدافعا عن الحق وثائرا في وجه الباطل. نهل من ينابيع الإسلام الصافية، فتخلّق بأخلاقهم وتحلّى بآدابهم وحمل علومهم ومعارفهم سائرا على منهجهم في إحقاق الحق ودحض الباطل.
. سكن الكوفة ونشر العلم فيها وكان من علماء التابعين، قتله اللجّاج بسبب خروجه مع عبد الرحمان ابن الأشعث في ثورته على بني أمية. وحينما سُئل عن خروجه على اللجاج قال: “إني والله ما خرجت عليه حتى كفر”.
كان سعيد من أوائل الثائرين على السلطة الأموية، فكان يرفع صوته قائلا: “قاتلوهم على جورهم في الحكم وخروجهم من الدين وتجبّرهم على عباد الله وإماتتهم الصلاة واستذلالهم المسلمين”.
و هذا هو نص الحوار الذي دار بينهما :
اللجاج: ما اسمك؟
سعيد: سعيد ابن جبير.
اللجاج: بل أنت شقي بن كسير.
سعيد: بل أنا سعيد ابن جبير
اللجاج: بل أنت شقي بن كسير
سعيد: أبي كان أعلم بإسمي منك.
اللجاج: والله لاقتلنك
سعيد: إني إذن لسعيد كما سماني أبي.
اللجاج: شقيتَ أنت، وشقي أبوك.
سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
اللجاج: لأبدلنَّك بالدنيا نارًا تلظى.
سعيد: لو علمتُ أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهًا.
اللجاج: فما قولك في محمد.
سعيد: نبي الرحمة، وإمام المتقين، خير من بقى وخير من مضى.
اللجاج: فما قولك في عبد العلي ابن أبي طالب؟
سعيد: خليفة الله و خليفة رسول الله صلی الله عليه وسلم
اللجاج: أهو في الجنة أم في النار؟
سعيد: لو دخلتها؛ فرأيت أهلها لعرفت.
اللجاج: فما قولك في الخلفاء الراشدين ؟
سعيد: لست عليهم بوكيل.
اللجاج: فأيهم أعجب إليك؟
سعيد: أرضاهم لخالقي.
اللجاج: فأيّهم أرضي للخالق؟
سعيد: علم ذلك عند ربّي يعلم سرهم ونجواهم.
اللجاج: أبيتَ أن تَصْدُقَنِي.
سعيد: إني لم أحب أن أكذبك.
اللجاج: فما تقول في معاوية؟
سعيد: شغلني نفسي عن تصريف هذه الأمة وتمييز أعمالها.
اللجاج: فما تقول فيّ؟
سعيد: أنت أعلم بنفسك
اللجاج: بت بعلمك
سعيد: إذن يسؤك ولا يسرك
اللجاج: بت بعلمك
سعيد: إعفني
اللجاج: لا عفا الله عني إن عفوتك
سعيد: إني لأعلم أنك مخالف لكتاب الله ، ترى لنفسك أمورا تريد بها الهيبة وهي تقحمك الهلكة وسترد غداً فتعلم.
اللجاج: أنا أحبّ الى الله منك
سعيد: لا يقدم أحد على ربّه حتى يعرف منزلته منه، والله بالغيب أعلم.
اللجاج: كيف لا أقدم علي ربّي في مقامي هذا وأنا مع إمام الجماعة وانت مع إمام الفرقة والفتنة!
سعيد: ما أنا بخارج عن الجماعة، ولا أنا براض عن الفتنة...
اللجاج: والله لأقتلنك قتلة لم أقتل بها أحداً قبلك، ولا أقتل بها أحداً بعدك.
سعيد: إذن تفسد عليّ دنياي وأفسد عليك آخرتك
اللجاج: فما بالك لم تضحك؟
سعيد: وكيف يضحك مخلوق خلق من طين والطين تأكله النار؟!
اللجاج: فما بالنا نضحك؟
سعيد: لم تستوِ القلوب
اللجاج: كيف ترى ما نجمع لأمير المؤمنين؟
سعيد: لم أرَ
ثم أمر اللجاج بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ فوضعت بين يدي سعيد.
سعيد: إن كنت يا لجاج قد جمعت هذا المال لتتقي به فزع يوم القيامة فصالح، وإلا فلا خير في شيء جمع للدنيا الا ما طاب وزكا.
اللجاج: ويلك يا سعيد
سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار.
اللجاج: فاختر أيَّ قتله أقتلك.
سعيد: اختر لنفسك ـ يا لجَّاج ـ فوالله، ما تقتلني قتله إلاَّ قتلك الله مثلها في الآخرة.
اللجاج: أفتُريد أنْ أعفو عنك؟
سعيد: إنْ كان العفو فمِن الله. وأمَّا أنت فلا براءة لك ولا عذر.
اللجاج: اذهبوا به فاقتلوه.
فلمَّا خرج من الباب ضحك. فأُخبر اللجَّاج بذلك فأمر بردِّه وقال: ما أضحكك؟!
عجبت مِن جُرأتك على الله وحِلم الله عنك.
فأمر اللجَّاج بالنطع فبًسط ، فقال: أقتلوه. قال سعيد: "وجَّهت وجهي للذي فطر السماء والأرض حنيفاً مُسلماً وما أنا مِن المُشركين"
السجال المثير بين اللجاج وسعيد ابن جبير وصل إلي مرحلة الحسم إذ خاطب اللجاج حراسه قائلا :إذبحوه مخاطبا ابن جبير : ما أسرع لسانك بالقرآن يا سعيد ابن جبير فما كان من الأخير إلا أن قال : أمَّا أنا فأَشهد وأحاجُّ أنه لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله و أنه لا ملك إلا الله... خذها مني يا لجاج حتى ألقاك بها يوم القيامة... ثم دعا قائلاً: اللهم لا تسلطه على أحد بعدي وقتل ابن جبير علي الفور وانتقل إلي جوار ربه في أحد أيام شهر رمضان عام 95هجرية .
مقتل التابعي الجليل سعيد ابن جبير علي يد اللجاج أحال حياة الجاج إلي جحيم حيث صار يصرخ كل ليلة: مالي ولسعيد ابن جبير كلما أردت النوم أخذ برجلى. ولم يزل اللجاج بعد قتله سعيدا فزعا مرعوبا حتى مُنع من النوم وكان كلما نام رآه آخذا بمجامع ثوبه يقول: “يا عدو الله فيم قتلتني؟ فيستيقظ مذعورا ويقول مالي ولابن جبير؟ ولم يزل متلبساً حتى هلك”. وروى الدميري: إن سيدنا عمر ابن عبد العزيز رأى اللجاج في المنام بعد موته وهو جيفة منتنة فقال له: ما فعل الله بك ؟ قال قتلني بكل قتيل قتلته قتلة واحدة إلا سعيد بن جبير فإنه قتلني به سبعين قتلة.
وبعد مقتل سعيد ابن جبير بأسبوعين تقريبا مات اللجاج حيث ظل خلال هذه الفترة يبدي ندمه الشديد علي قتله ابن جبير بشكل لم يقدم عليه في أي دماء أخرى أراقها ...واستجاب الله لدعوة سعيد ابن جبير بألا يسلطه على أحد بعده .
فسيدنا سعيد ابن جبير نفس مؤمنة، درس العلم عن سيدنا عبد الله ابن عباس حبر الأمة وعن أمنا عائشة أم المؤمنين، مات شهيدا مدافعا عن الحق وثائرا في وجه الباطل. نهل من ينابيع الإسلام الصافية، فتخلّق بأخلاقهم وتحلّى بآدابهم وحمل علومهم ومعارفهم سائرا على منهجهم في إحقاق الحق ودحض الباطل.
. سكن الكوفة ونشر العلم فيها وكان من علماء التابعين، قتله اللجّاج بسبب خروجه مع عبد الرحمان ابن الأشعث في ثورته على بني أمية. وحينما سُئل عن خروجه على اللجاج قال: “إني والله ما خرجت عليه حتى كفر”.
كان سعيد من أوائل الثائرين على السلطة الأموية، فكان يرفع صوته قائلا: “قاتلوهم على جورهم في الحكم وخروجهم من الدين وتجبّرهم على عباد الله وإماتتهم الصلاة واستذلالهم المسلمين”.
و هذا هو نص الحوار الذي دار بينهما :
اللجاج: ما اسمك؟
سعيد: سعيد ابن جبير.
اللجاج: بل أنت شقي بن كسير.
سعيد: بل أنا سعيد ابن جبير
اللجاج: بل أنت شقي بن كسير
سعيد: أبي كان أعلم بإسمي منك.
اللجاج: والله لاقتلنك
سعيد: إني إذن لسعيد كما سماني أبي.
اللجاج: شقيتَ أنت، وشقي أبوك.
سعيد: الغيب يعلمه غيرك.
اللجاج: لأبدلنَّك بالدنيا نارًا تلظى.
سعيد: لو علمتُ أن ذلك بيدك لاتخذتك إلهًا.
اللجاج: فما قولك في محمد.
سعيد: نبي الرحمة، وإمام المتقين، خير من بقى وخير من مضى.
اللجاج: فما قولك في عبد العلي ابن أبي طالب؟
سعيد: خليفة الله و خليفة رسول الله صلی الله عليه وسلم
اللجاج: أهو في الجنة أم في النار؟
سعيد: لو دخلتها؛ فرأيت أهلها لعرفت.
اللجاج: فما قولك في الخلفاء الراشدين ؟
سعيد: لست عليهم بوكيل.
اللجاج: فأيهم أعجب إليك؟
سعيد: أرضاهم لخالقي.
اللجاج: فأيّهم أرضي للخالق؟
سعيد: علم ذلك عند ربّي يعلم سرهم ونجواهم.
اللجاج: أبيتَ أن تَصْدُقَنِي.
سعيد: إني لم أحب أن أكذبك.
اللجاج: فما تقول في معاوية؟
سعيد: شغلني نفسي عن تصريف هذه الأمة وتمييز أعمالها.
اللجاج: فما تقول فيّ؟
سعيد: أنت أعلم بنفسك
اللجاج: بت بعلمك
سعيد: إذن يسؤك ولا يسرك
اللجاج: بت بعلمك
سعيد: إعفني
اللجاج: لا عفا الله عني إن عفوتك
سعيد: إني لأعلم أنك مخالف لكتاب الله ، ترى لنفسك أمورا تريد بها الهيبة وهي تقحمك الهلكة وسترد غداً فتعلم.
اللجاج: أنا أحبّ الى الله منك
سعيد: لا يقدم أحد على ربّه حتى يعرف منزلته منه، والله بالغيب أعلم.
اللجاج: كيف لا أقدم علي ربّي في مقامي هذا وأنا مع إمام الجماعة وانت مع إمام الفرقة والفتنة!
سعيد: ما أنا بخارج عن الجماعة، ولا أنا براض عن الفتنة...
اللجاج: والله لأقتلنك قتلة لم أقتل بها أحداً قبلك، ولا أقتل بها أحداً بعدك.
سعيد: إذن تفسد عليّ دنياي وأفسد عليك آخرتك
اللجاج: فما بالك لم تضحك؟
سعيد: وكيف يضحك مخلوق خلق من طين والطين تأكله النار؟!
اللجاج: فما بالنا نضحك؟
سعيد: لم تستوِ القلوب
اللجاج: كيف ترى ما نجمع لأمير المؤمنين؟
سعيد: لم أرَ
ثم أمر اللجاج بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ فوضعت بين يدي سعيد.
سعيد: إن كنت يا لجاج قد جمعت هذا المال لتتقي به فزع يوم القيامة فصالح، وإلا فلا خير في شيء جمع للدنيا الا ما طاب وزكا.
اللجاج: ويلك يا سعيد
سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار.
اللجاج: فاختر أيَّ قتله أقتلك.
سعيد: اختر لنفسك ـ يا لجَّاج ـ فوالله، ما تقتلني قتله إلاَّ قتلك الله مثلها في الآخرة.
اللجاج: أفتُريد أنْ أعفو عنك؟
سعيد: إنْ كان العفو فمِن الله. وأمَّا أنت فلا براءة لك ولا عذر.
اللجاج: اذهبوا به فاقتلوه.
فلمَّا خرج من الباب ضحك. فأُخبر اللجَّاج بذلك فأمر بردِّه وقال: ما أضحكك؟!
عجبت مِن جُرأتك على الله وحِلم الله عنك.
فأمر اللجَّاج بالنطع فبًسط ، فقال: أقتلوه. قال سعيد: "وجَّهت وجهي للذي فطر السماء والأرض حنيفاً مُسلماً وما أنا مِن المُشركين"
السجال المثير بين اللجاج وسعيد ابن جبير وصل إلي مرحلة الحسم إذ خاطب اللجاج حراسه قائلا :إذبحوه مخاطبا ابن جبير : ما أسرع لسانك بالقرآن يا سعيد ابن جبير فما كان من الأخير إلا أن قال : أمَّا أنا فأَشهد وأحاجُّ أنه لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله و أنه لا ملك إلا الله... خذها مني يا لجاج حتى ألقاك بها يوم القيامة... ثم دعا قائلاً: اللهم لا تسلطه على أحد بعدي وقتل ابن جبير علي الفور وانتقل إلي جوار ربه في أحد أيام شهر رمضان عام 95هجرية .
مقتل التابعي الجليل سعيد ابن جبير علي يد اللجاج أحال حياة الجاج إلي جحيم حيث صار يصرخ كل ليلة: مالي ولسعيد ابن جبير كلما أردت النوم أخذ برجلى. ولم يزل اللجاج بعد قتله سعيدا فزعا مرعوبا حتى مُنع من النوم وكان كلما نام رآه آخذا بمجامع ثوبه يقول: “يا عدو الله فيم قتلتني؟ فيستيقظ مذعورا ويقول مالي ولابن جبير؟ ولم يزل متلبساً حتى هلك”. وروى الدميري: إن سيدنا عمر ابن عبد العزيز رأى اللجاج في المنام بعد موته وهو جيفة منتنة فقال له: ما فعل الله بك ؟ قال قتلني بكل قتيل قتلته قتلة واحدة إلا سعيد بن جبير فإنه قتلني به سبعين قتلة.
وبعد مقتل سعيد ابن جبير بأسبوعين تقريبا مات اللجاج حيث ظل خلال هذه الفترة يبدي ندمه الشديد علي قتله ابن جبير بشكل لم يقدم عليه في أي دماء أخرى أراقها ...واستجاب الله لدعوة سعيد ابن جبير بألا يسلطه على أحد بعده .