Admin الإثنين أبريل 25, 2016 9:21 am
بإسم الله الرحمان الرحم السلام عليكم أيها النبي و رحمة الله و بركته
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سمي شهر شعبان شهر الشفاعة لأن رسول الله يشفع لكل من صلى عليه فيه ".
إن في أول شهر شعبان تدلى شجرة طوبى وشجرة الزقوم أغصانها على أهل الأرض، فمن تمسك بأغصان شجرة طوبى أخذته إلى الجنة، ومن تمسك بأغصان شجرة الزقوم أخذته إلى النار.
إن أمير المؤمنين و المؤمنات عليهم الصلاة والسلام قد مرّ على قوم من أخلاط المسلمين وهُم قعود في أوّل يوم من شعبان، وهُم يخوضون في أمر القدر وغيره، قد ارتفعت أصواتهم واشتدّ جدالهم، فوقف عليهم وسلّم فردّوا عليه السلام وأوسعوا له وقاموا إليه يسألونه القعود إليهم، فناداهم : يا معاشر المتكلّمين فيما لا يعنيهم ولا يردّ عليهم، ألم تعلموا أنّ لله عباداً قد أسكتهم خشية الله من غير عيّ ولا بكم، ولكنّهم إذا ذكروا عظمة الله انكسرت ألسنتهم وانقطعت أفئدتهم وطاشت عقولهم، وحامت حلومهم إعزازاً لله وإعظاماً وإجلالاً، فإذا أفاقوا من ذلك استبقوا الى الله بالأعمال الزّكية، يعدّون أنفسهم مع الظّالمين والخاطئين وإنّهم بريئون من المقصّرين ومن المفرطين، ألا إنّهم لا يرضُون لله بالقليل من العمل ، ولا يستكثرون لله الكثيرمن العمل ، فهم يدأبون له في الأعمال، فهم إذا رأيتهم قائمون للعبادة مروعون خائفون مشفقون وجلون، فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين، أما علمتهم أنّ أعلم النّاس بالقدر أسكتهم عنه، وانّ أجهلهم به أكثرهم كلاماً فيه، يا معشر المبتدعين هذا يوم غرّة شعبان الكريم سمّاه ربّنا شعبان لتشعّب الخيرات فيه، قد فتح ربّكم فيه أبواب جنانه، وعرض عليكم قصورها وخيراتها بأرخص الأثمان، وأسهل الأمور ، فاشتروها، وعرض لكم الطغاة شعب شرورهم وبلاياهم ، فأنتم دائماً تتيهون في الغيّ والطّغيان، تمسكون بشعب الشر و تحيدون عن شعب الخير المفتوح لكم أبوابه، هذه غرّة شعبان وشعب خيراته صلاة الجمعة و الصّلاة النبي المختار والزّكاة والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وبرّ الوالدين والقرابات والجيران وإصلاح ذات البين والصّدقة على الفقراء والمساكين، تتكلّفون ما قد وُضِعَ عنكم (أي أمر القدر) وما قد نهيتم عن الخوض فيه من كشف سرائر الله التي من فتش عنها كان من الهالكين، أما إنّكم لو وقفتم على ما قد أعدّ ربّنا عزّ وجل للمطيعين من عباده في هذا الشهر لقصّرتم عمّا أنتم فيه، وشرعتم فيما أمرتم به.
قالوا : يا أمير المؤمنين و المؤمنات وما الذي أعدّه الله عز و جل في هذا الشهر للمطيعين له ؟ فروى عليه الصلاة والسلام ما كان من أمر الجيش الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الكفّار فوثب الكفّار عليه ليلاً وكانت ليلة ظلماء دامسة والمسلمون نيام ولم يكن فيهم يقظان سوى زيد ابن حارثة عليهم السلام و رحمة الله و بركته وعبد الله ابن رواحة عليهم السلام و رحمة الله و بركته وقتادة ابن النعمان عليهم السلام و رحمة الله و بركته وقيس ابن عاصم المنقري عليهم السلام و رحمة الله و بركته وكلّ منهم يقظان في جانب من جوانب العسكر يصلّ على النبي أو يتلو القرآن الكريم ، وكاد المسلمون أن يهلكوا لأنّهم في الظّلام لا يبصرون أعداءهم ليتّقوهم، وإذا بأضواء تسطع من أفواه هؤلاء النّفر الأربعة تضيء معسكر المسلمين فتورثهم القوّة والشّجاعة فوضعوا السّيوف على الكفّار فصاروا بين قتيل أو جريح أو أسير، فلمّا رجعوا قصّوا على النّبي صلى الله عليه و وسلم ما كان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّ هذه الأنوار قد كانت لما عمله إخوانكم هؤلاء من الأعمال في غرّة شعبان، ثمّ حدّثهم بتلك الأعمال واحداً فواحداً الى أن قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " والذي بعثني بالحق نبيا، إن الطغاة إذا كان أول يوم من شعبان بثوا جنودهم في أقطار الأرض وآفاقها يقولون لهم: اجتهدوا في اجتذاب عباد الله اليكم في هذا الشهر، وإن الله عز وجل يبث ملائكته في أقطار الأرض وآفاقها يقول لهم: سددوا عبادي وأرشدوهم وكلهم يسعد بكم إلا من أبى وتمرد وطغى .
وإن الله عز وجل إذا كان أول يوم من شعبان أمر بأبواب الجنة فتُفتح، ويأمر شجرة طوبى فتدلي أغصانها على هذه الدنيا، ثم أمر بأبواب النار فتُفتح ويأمر شجرة الزقوم فتطلع أغصانها على هذه الدنيا، ثم ينادي منادي ربنا عز وجل:
يا عباد الله الرحمان الرحم هذه أغصان شجرة طوبى فتمسكوا بها ترفعكم إلى الجنة، وهذه أغصان شجرة الزقوم فإياكم وإياها حتى لا تؤديكم إلى الجحيم.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فمن تطوع لله عز و جل بالصلاة علي في هذا الشهر فقد تعلق بغصن منها .
ومن تصدق في هذا الشهر بصدقة فقد تعلق بغصن .
ومن عفا عن مظلمة فقد تعلق بغصن.
ومن أصلح بين المرء وزوجه والوالد وولده والقريب وقريبه والجار وجاره فقد تعلق بغصن.
ومن خفف عن معسر أو حط عنه فقد تعلق بغصن.
ومن نظر في حسابه فرأى دينا عتيقا قد آيس منه صاحبه فأده فقد تعلق بغصن.
ومن كفل يتيما فقد تعلق بغصن.
ومن كف سفيها عن عرض مؤمن أو مؤمنة فقد تعلق بغصن.
ومن قرأ ما تيسر من القرآن الكريم فقد تعلق بغصن.
ومن قعد يذكر الله و نعمائه فقد تعلق بغصن.
ومن عاد مريضاً ومن شيع جنازة ومن عزى مصاباً فقد تعلق بغصن.
ومن بر والديه أو أحدهما في هذا الشهر فقد تعلق بغصن.
ومن كان أسخطهما قبل هذا الشهر فأرضاهما في هذا الشهر فقد تعلق بغصن.
وكذلك من فعل شيئاً من سائر أبواب الخير في هذا الشهر فقد تعلق بغصن من أغصانها ".
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " والذي بعثني بالحق نبيا وإن من تعاطى بابا من الشر والعصيان في هذا اليوم فقد تعلق بغصن من أغصان شجرة الزقوم فهو مؤديه إلى النار.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " والذي بعثني بالحق نبيا فمن ضيع صلاة الجمعة فقد تعلق بغصن منها .
ومن لم يصم يوم نصف شعبان وضيعه فقد تعلق بغصن منها .
ومن جاءه في هذا الشهر فقير ضعيف يعرف سوء حاله ولم يأخذ بيده و هو يقدر فقد تعلق بغصن منها .
ومن اعتذر إليه مسيء فلم يعذره ثم لم يعاقبه على قدر إساءته بل أربى عليه فقد تعلق بغصن منها .
ومن أفسد بين المرء وزوجه والوالد و ولده أو الأخ وأخيه أو القريب وقريبه أو بين جارين أو أختين فقد تعلق بغصن منها .
ومن شدد على معسر وهو يعلم إعساره فزاده غيظا وبلاء فقد تعلق بغصن منها.
ومن كان عليه دين فلم يؤديه إلى صاحبه وتعدى عليه حتى أبطل دينه فقد تعلق بغصن منها.
ومن جفا يتيما وآذاه و أخذ ماله فقد تعلق بغصن منها.
ومن وقع في عرض أخيه المؤمن وحمل الناس على ذلك فقد تعلق بغصن منها.
ومن تغنى بغناء يبعث فيه على المعاصي فقد تعلق بغصن منها.
ومن قعد يعدد قبائح أفعاله وأنواع ظلمه لعباد الله فيفتخر بها فقد تعلق بغصن منها.
ومن كان جاره مريضا فترك عيادته استخفافا بحقه فقد تعلق بغصن منها.
ومن مات جاره فترك تشييع جنازته تهاونا فقد تعلق بغصن منها.
ومن أعرض عن مصاب وجفاه إزراء عليه واستصغارا له فقد تعلق بغصن منها.
ومن عق والديه أو أحدهما فقد تعلق بغصن منها.
ومن كان قبل ذلك عاقا لهما فلم يرضهما في هذا الشهر وهو يقدر على ذلك فقد تعلق بغصن منها.
وكذا من فعل شيئا من سائر أبواب الشر فقد تعلق بغصن من أغصانها .
والذي بعتني بالحق نبيا إن المتعلقين بأغصان شجرة طوبى ترفعهم تلك الأغصان إلى الجنة.
وإن المتعلق بأغصان شجرة الزقوم تخفضهم تلك الأغصان إلى الجحيم ".
ثم رفع رسول الله صلى الله عليه و سلم طرفه إلى السماء مليا وجعل يضحك ويستبشر ثم خفض طرفه إلى الأرض فجعل يقطب ويعبس ثم أقبل على أصحابه فقال: " والذي بعث محمد بالحق نبيا لقد رأيت شجرة طوبى ترفع أغصانها وترفع المتعلقين بها إلى الجنة ورأيت فيهم من تعلق منها بغصن ومنهم بغصنين أو بأغصان ، وإني لأرى زيد ابن حارثة قد تعلق بعامة أغصانها فهي ترفعه إلى أعلاها فبذلك ضحكت وإستبشرت، ثم نظرت إلى الأرض فوالذي بعثني بالحق نبيا لقد رأيت شجرة الزقوم تخفض أغصانها وتخفض المتعلقين بها إلى الجحيم ورأيت منهم من تعلق بغصن ورأيت منهم من تعلق بغصنين أو بأغصان وإني لأرى بعض المنافقين قد تعلق بعامة أغصانها وهي تخفضه إلى أسفل دركاتها فلذلك عبست ".
ثم أعاد رسول الله صلى الله عليه و سلم بصره إلى السماء ينظر إليها مليا وهو يقطب ويعبس ثم أقبل إلى أصحابه فقال: يا عباد الله لو رأيتم ما رأيت إذن لأظمأتم لله بالنهار أكبادكم ولجوعتم له بطونكم و لأسهرتم له ليلكم ولأنصبتم فيه أقدامكم وأبدانكم، ولأنفذتم بالصدقة أموالكم، وعرضتم للتلف في الجهاد في سبيل الله أرواحكم، قالوا: وما هو يا رسول الله فداك الآباء والامهات والبنون والبنات والاهلون والقرابات ؟ .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " والذي بعثني بالحق نبيا لقد رأيت تلك الأغصان من شجرة طوبى عادت إلى الجنة فنادى منادي ربنا خزانها: يا ملائكتي انظروا إلى مقدار منتهى ظل ذلك الغصن فأعطوه من جميع الجوانب مثل مساحته قصورا ودورا وخيرات فأعطوه ذلك، فمنهم من أعطي مسيرة ألف سنة من كل جانب، ومنهم من أعطي ثلاثة أضعافه وأربعة أضعافه وأكثر من ذلك على قدر قوة إيمانهم وجلالة أعمالهم، ولقد رأيت زيد ابن حارثة أعطي ألف ضعف ما أعطي جميعهم على قدر فضله عليهم في قوة الإيمان وجلالة الأعمال، فلذلك ضحكت وإستبشرت.
ولقد رأيت تلك الاغصان من شجرة الزقوم عادت إلى النار فنادى منادي ربنا خزانها: انظروا كل من تعلق بغصن من أغصان شجرة الزقوم في هذا اليوم فانظروا إلى منتهى مبلغ حر ذلك الغصن وظلمته فابنوا له مقاعد من النار من جميع الجوانب مثل مساحته قصور نيران وبقاع نيران وحيات وعقارب وسلاسل وأغلال و قيود وأنكال يعذب بها، فمنهم من اعد له فيها مسيرة سنة، أو سنتين، أو مائة سنة، أو أكثر على قدر ضعف إيمانهم وسوء أعمالهم، ولقد رأيت لبعض المنافقين ألف صعف ما اعطي جميعهم على قدر زيادة كفره وشره فلذلك قطبت وعبست. ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أقطار الارض وأكنافها فجعل يتعجب تارة، و ينزعج تارة، ثم أقبل على أصحابه فقال: طوبى للمطيعين كيف يكرمهم الله بملائكته، والويل للفاسقين كيف يخذلهم الله ويكلهم إلى شركائهم
والذي بعثني بالحق نبيا إني لأرى المتعلقين بأغصان شجرة طوبى كيف قصدهم المشركون ليغووهم، فحملت عليهم الملائكة يقتلونهم ويثخنونهم ويطردونهم عنهم، وناداهم منادي ربنا: يا ملائكتي ألا فانظروا في الارض إلى منتهى مبلغ نسيم هذا الغصن الذي تعلق به متعلق فقاتلوا المشركين عن ذلك المؤمن وأخروهم عنه، وإني لأرى بعضهم وقد جاءه من الاملاك من ينصره على المشركين و يدفع عنه المردة ."
و سبحان الله و سلام على المرسلين و الحمد لله و الشكر لله الرحمان الرحم .
عدل سابقا من قبل Admin في الإثنين أبريل 25, 2016 10:57 am عدل 2 مرات