السلام عليكم أيها النبي و رحمة الله و بركته
.
بناء جامع قرطبة
في الرابع من رمضان عام 350 هجري شرع الحكم المستنصر بالأندلس في بناء جامع قرطبة، احد اجمل الجوامع الاسلامية وأعظم الآثار الاسلامية في الاندلس .
وافتتح المستنصر خلافته بالنظر في المسجد الجامع بقرطبة، وهو أول قرار أنفذه، وأمر به ، وذلك في اليوم الثاني من يوم خلافته، وكان محيط قرطبة قد كثر به الناس، فضاق الجامع عن حملهم، ونالهم التعب في ازدحامهم، فسارع المستنصر الى الزيادة فيه، فخرج لتقديرها وتفصيل بنيانها، وقد أضاف المستنصر الى جامع قرطبة محراباً أجمع كل المؤرخين على أنه أجمل ما في مسجد قرطبة.
تدلف من الجسر الروماني على نهر "الوادي الكبير" - لا يزال محتفظا باسمه العربي - فينتابك الحنين أمام المسجد الجامع الذي لا تزال تعلو جدرانه المنيعة نقوشه القرآنية مخلدة عبقرية فنية نادرة.
ساحة المسجد الذي تحول إلى كاتدرائية بعد سقوط قرطبة في أيدي الأسبان عام 1236 ميلادية كانت تملأها أشجار البرتقال والرمان وكان يأكل منها الجائعون والقادمون إلى المدينة من بقاع شتى.
على مساحة 24 ألف متر أقيم المسجد الجامع في قرطبة ليكون واحدا من أكبر مساجد العالم الإسلامي، بدأ بناؤه عبد الرحمن الداخل في عام 755 وتم توسيعه ثلاث مرات حتى وصل مساحته الحالية.
يقوم المسجد الجامع على أكثر من ألف عمود و كان يتسع يوما لأربعين ألف مصل وقتما كان سكان قرطبة نصف مليون نسمة. يقول دليلنا إن المسجد هو الوحيد في العمارة الإسلامية الذي لا يتجه محرابه نحو القبلة في مكة. ولذلك تفسيرات متعددة غير محسومة.
لم يرغب الأسبان في هدم المسجد عقب سقوط قرطبة فحولوه إلى كنيسة تملأ جدرانها النقوش القرآنية تتداخل مع التماثيل والأيقونات المسيحية وشواهد رفات القديسين ورجال الدين الذين دفنوا في المكان.
وبدلا من مسمى المسجد الجامع صار اسمه "موزكيتو/ كاثدرائيل" أي المسجد الكاثدرائية في إشارة لا تتكرر لمكان عبادة مسيحي ، حتى مئذنته الشاهقة أحيطت ببرج مربع تنتصب فوقه أجراس الكنيسة، لإخفاء طابعها الإسلامي.
وعلى بعد خمسة أميال تقريبا من قرطبة القديمة تقف بقايا مدينة الزهراء التي قيل أن الخليفة عبد الرحمن الناصر شرع في بنائها
و من بين المساجد التي ابتليت بطغيان النصارى : الجامع الأعظم لقرطبة, و هو أعظم المعالم الإسلامية بأوربا بل و في العالم أجمع فقد كان ثاني أكبر مسجد بعد المسجد الحرام و لازال إلى يومنا هذا من المساجد الكبرى و لازال أهل إسبانيا يلقبونه بميزكيتا و تعني المسجد باللغة الإسبانية. فرغم أن النصارى بنوا وسطه كنيسة عظمى و ووزعوا الصلبان بين أحشائه و نشروا الصور في جنباته ,إلا أن الناس لا يرونه إلا مسجدا. و الزائر لقرطبة لا يقصد إلا مسجدها و يغادر المسجد و لا يفكر حتى في زيارة كاتدرائية النصارى التي بنوها لحجب الأنظار عن الجامع.
1- موضع جامع قرطبة قبل الإسلام.
انتشرت في كتب من أرّخ لقرطبة و جامعها الأعظم رواية من الإسرائيليات تتحدث عن قصة المكان الذي بني فيه الجامع حيث نقل أندلسي مجهول ألّف كتابا موجزا عن تاريخ الأندلس عن ابن عتاب عن عبد الله الزهراوي عن شيوخه أن موضع جامع قرطبة كان حفرة عظيمة يطرح فيها أهل قرطبة قمامتهم و أدفانهم و جيفهم و يدفنون فيها؛ فلما قدم سليمان بن داوود عليه السلام بلاد الأندلس مرّ على قرطبة؛ فنزل بإزائها؛ فرأى تلك الحفرة؛ فوقف عليها ثم قال لجنوده: اردموا هذا الموضع و عظموه و عدلوه؛ فسيكون به مسجدا يعبد الله فيه, ففعلوا ما أمرهم به نبي الله سليمان؛ فلما فرغوا من توطئته و تسويته أمرهم أن يبنوا به مسجدا فبنوه, و جعل فيه من يعمره من أحبار بني إسرائيل, و يقيموا فيه أحكام التوراة و الزبور؛ فلم يزل كذلك إلى أن بعث الله عيسى عليه السلام, و ظهر دين النصرانية؛ فصار ذلك المسجد كنيسة للنصارى يعبدون الله فيها, و يقرءون الإنجيل إلى أن فتح المسلمون الأندلس
2- بناء جامع قرطبة الأعظم ووصفه:
قال المؤلف المجهول لتاريخ الأندلس عن بناء الجامع : و دخل طارق بن زياد مولى موسى بن نصير قرطبة؛ فأمر ببناء المسجد الجامع المذكور في نصف تلك الكنيسة, فبقي و بقي النصف الثاني كنيسة بأيدي النصارى الذمة.
فلم يزل الأمر كذلك إلى أن ولي الإمام عبد الرحمان الداخل الأندلس؛ فاشترى النصف الثاني من الكنيسة, و زاده في الجامع المذكور و بناه و أتقنه, و أنفق في بنائه مائة ألف دينار بالوزنة.
ثم زاد فيه و حسن بناءه ولده هشام و حفيده الحكم, ثم زاد فيه عبد الرحمان بن الحكم الإمام زيادة كثيرة.
كانت أقواسه القديمة التي بناها جده عبد الرحمان الداخل وولده هشام و من كان قبلهما من الأمراء تسعة أقواس؛ فزاد فيه عبد الرحمان بن الحكم بهوا من جهة المشرق و بهوا من جهة المغرب؛ فأكملها أحد عشر قوسا, و أعلى سقفه, و بناه بالآلات العجيبة, وجعل سعة كل بهو منها تسعة أذرع و نصف ذراع, و أكمل أبواب الجامع سبعة أبواب, عرض كل باب منها خمسة أذرع, و جعل حدّ الزيادة من حد الأرجل إلى منتهى القبلة تسعة و أربعين ذراعا, وجعل عرض الأرجل الرأسية في المسجد خمسة أشبار, و زاد في جوفه سقيفة للنساء عدد سواريها ثلاثة و عشرون سارية, وذلك في سنة أربع و ثلاثة و مائتين.
ثم زاد فيه أمير المؤمنين الحكم المستنصر بالله تعالى على أحد عشر بلاط, ونقل المحراب القديم إلى موضعه إلى الآن , و أتقنه و زينه و أنفق فيه أموالا جليلة, وصنع به منبرا عظيما مؤلفا من الأبنوس و الصندل الأحمر و الأصفر و النبع و العُنّاب و الشوحط و البقم , و نصبه بالمقصورة.
ثم كان آخر من بناه و أتقنه و زاد فيه على ما كان بناه الخلفاء قبله نحو النصف الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر, ابتدأ بالبناء فيه غرة رجب من سنة إحدى و ثمانين و ثلاثمائة, و صلى الناس فيه في رجب سنة أربع و ثمانين و ثلاثمائة و وكان العمل فيه نحو من سنتين و نصف, وخدم فيه رحمه الله ووجوه أعيان الجلالقة و الإفرنج و الرمانيين من النصارى يعملون مع الصناع مصفدين في الحديد إلى أن أكمل البناء.
وصنع فيه الأجباب لاستقرار مياه المطر تحت صحن الجامع المذكور؛ فكمل على أتقن شيئ.
فجعل سطح الجامع المذكور من القبلة إلى الجوف ثلاثمائة ذراع و سبعة و أربعين ذراعا, و عرضه مائتان و خمسين ذراعا, وتكسير أرضه حرث مدّين و قفيز و ثلث, وقيل إن تكسير أرضه بالمساحة أحد عشر قفيزا و ثلث قفيز بالقرطبي.
و عدد بلاطاته المسقفة تسعة عشر بلاطا, وعدد أبوابه الكبار و الصغار خمسة و ثلاثون بابا؛ فالكبار منها إحدى و عشرون بابا, و الصغار باقيها, منها في الجانب الغربي سبعة و في الشرقي تسعة, و في الجوفي عشرة, و باقيها في القبلة حيث هو باب الساباط الذي يدخل منه الخلفاء, و الأبواب الكبار منها كلها مغشاة بصفائح النحاس المموه بالذهب.
و عدد سواريه الحاملة لسقفه, و الملصقة ببنائه و قبابه و مناره ما بين كبار و صغار ألف سارية و أربعمائة سارية و تسع سواري, منها بداخل المقصورة مائة سارية و تسعة عشر سارية, ومنها في الصومعة من خارجها و من داخلها مائة و أربعون سارية, ومنها الحاملات لسقف البلاطات و ما اتصل بها ألف سارية و مائتان و ثلاث و خمسون سارية.
و سعة المنار من كل وجه من تربيعه ثمانون شبرا و ارتفاعه إلى حيث يقف المؤذن مائة و ستون ذراعا, و الصومعة القديمة مائة و خمسون ذراعا, و عرضها في كل تربيع ثمانية عشر ذراعا, و عدد أدراجها في الشق الأيمن مائة درجة و عشر درجات, و في الشق الأيسر مائة درجة و عشر درجات.
و عدد ثرياته الصغار مائتان و خمسة و ثلاثون ثرية منها في الصومعة خمسة, و منها في القبة أربعة, و هي أعظمها, تحمل كل ثرية منها سبعة أرباع من الزيت تحترق فيها في ليلة واحدة, و منها في المقصورة ثلاثة ثريات من الفضة الخالصة, تحمل كل ثرية منها ثمانية عشر رطلا من الزيت, و يحترق بالجامع المذكور أعاده الله للإسلام من الزيت كل سنة في الثريات المذكورة ألف ربع و ثلاثون ربعا منها في شهر رمضان خاصة دون أشهر السنة خمسمائة ربع كاملة.
و صنع فيه منبرا عظيما فيه ستة و ثلاثون ألف وصل, قام كل وصل منها بسبعة دراهم فضة, و كل وصل منها مؤلف من أنواع الخشب الرفيع كالعود الرطب و غيره, و الأوصال كلها مسمرة بمسامير الذهب و الفضة, ومنها ما هو مكوكب الرأس بالجوهر و نفيس الأحجار, لم يصنع في الإسلام منبرا أحسن منه, و عدد درجاته تسع درجات, و خدم فيه خمسة أعوام, وأنفق في عمله ثلاثين ألف دينار و سبعمائة دينار و خمسة دنانير و ثلاثة دراهم.
و عدد الخدم و القومة و المؤذنين فيه في زمن الخلفاء و أيام المنصور محمد بن أبي عامر ثلاثمائة رجل, وعدد قومته في أيام الفتنة سبعة و ثمانون رجلا, و ليس بالأندلس و لا في بلاد الإسلام جامع أكبر منه.
و صنع في القبة التي في وسط الجامع حيث كان المحراب القديم ثرية عظيمة دورها خمسون شبرا تحتوي على ألف كأس و أربعة و ثمانين كأسا مموهة كلها بالذهب.
و تحتوي ثريات الجامع كلها بين صغار و كبار و التي بالقباب التي أمام الأبواب على عشرة آلاف و ثمانمائة و خمسين كأسا لها من مشك الرصاص في كل سنة وزن ستة عشر ربعا.
و صنع في أعلى منار الصومعة الكبرى ثلاث رمانات, دور كل رمانة منها ثلاثة أشبار ونصف, اثنان منها من ذهب إبريز و الثالثة فضة قبلها و فوقها سوسنة قد سدست من فوقها رمانة من ذهب صغيرة على رأس البرج, و هي أحد غرائب الأرض.
و من أبواب الجامع المذكور ثلاثة أبواب لا يدخل عليها إلا النساء و هي من أبواب الجوف.
و كان بالجامع المذكور في بيت منبره مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي خطه بيده, عليه حلية من ذهب مكللة بالجوهر و الياقوت, و عليه أغشية الديباج , وهو على كرسي من العود الرطب مسمر بمسامير الذهب.
و كان للجامع في يوم كل جمعة رطل عود وربع رطل عنبر يتبخر به.
و صنع إلى جوانب الجامع من جهة المشرق و من جهة المغرب و من الجوف ثلاث ساقيات, في كل ساقية عشرون بيتا للتصرف, وفي صحنها صهريج, و في وسطه فوارة من الماء المعين, وتم ذلك كله بالبناء في سنة تسعين و ثلاثمائة.(2)
3- مخطط لجامع قرطبة قبل سقوطه بيد النصارى سنة 1236م.
* اللون الاصفر و ما والاه بالأبيض من جهة اليمين : الجامع كما بناه أول مرّة عبد الرحمان الداخل رحمه الله.
* اللون الأخضر : توسعة عبد الرحمان الأوسط.
* اللون الأزرق : توسعة الحكم الثاني و هو باني المحراب الذي لازال يبهر زوّار الجامع إلى يوم الناس هذا.
* أقصى اليمين في الأعلى باللون الأبيض: توسعة عبد الرحمان الناصر و هو باني منارة الجامع و التي توجد اليوم داخل منارة الأجراس الحالية التي بناها النصارى
* اللون الوردي و أقصى اليمين في الأسفل باللون الأبيض: زيادة المنصور بن أبي عامر.
منارة الجامع الأصلية تقع داخل برج الأجراس هذا
4- مناقب جامع قرطبة الأعظم
لعب الجامع الأعظم دورا مهما في رفع مكانة قرطبة في العالم بأسره خلال العهد الإسلامي, فقد كان مقصد طلاب العلم الديني و الدنيوي مسلمين و كفارا , و فيه تلقى بابوين للكنيسة الكاثوليكية تعليمهما.
يقول المقري في نفح الطيب : و اعلم أن لعظم أمر قرطبة كان عملها حجة بالمغرب, حتى إنهم يقولون في الأحكام, هذا مما جرى به عمل قرطبة (3)
و نقل مؤرخ الدولة الموحدية عبد الواحد المراكشي في مناقب الجامع: وحكى أبو مروان بن حيّان –رحمه الله- في أخبار قرطبة أن الحكم لما زاد زيادته المشهورة في الجامع, اجتنب الناس الصلاة فيها أياما, فبلغ ذلك الحكم, فسأل عن علته, فقيل له إنهم يقولون: ما ندري هذه الدراهم التي أنفقها في هذا البنيان من أين اكتسبها. فاستحضر الشهود و القاضي أبا الحكم المنذر بن سعيد البلوطي, و استقبل القبلة و حلف باليمين الشرعية التي جرت العادة بها ما أنفق فيه درهما إلا من خُمس المغنم. و حينئذ صلى الناس فيه لما علموا بيمينه؛ و من الخمس أيضا كان أبوه بناه؛ و زاد فيه أبو عامر محمد بن أبي عامر زيادة أخرى من هذه النسبة؛ فهو مسجد لم ينفق فيه درهم إلا من خمس المغنم؛ و هو معظّم القدر عند أهل الأندلس, مبارك, لا يصلي فيه أحد و يدعو بشيء من أمر الدنيا و الآخرة إلا استجيب له؛ فقد عُرف ذلك من أمره و اشتهر.
و حكى غير واحد أن الأدفنش –لعنه الله – لمّا دخلها في شهور سنة 503 هجرية, دخل النصارى في هذا المسجد بخيلهم, فأقاموا به يومين لم تبُل دوابهم و لم ترُث حتى خرجوا منه؛ و هذه الحكاية مما تواتر عندهم و استفاض بقرطبة.(4)
و أضاف المقري منقبة أخرى فقال: و لما ذكر ابن باشكوال زيادة المنصور بن أبي عامر في جامع قرطبة قال: و من أحسن ما عاينه الناس في بنيان هذه الزيادة العامرية أعلاج النصارى مصفّدين في الحديد من أرض قشتالة و غيرها...إذلالا للشرك و عزة للإسلام.(5)
5- و سقط الجامع بيد النصارى
سنة 1236م سقطت قرطبة –ردها الله أرض دار إسلام- بيد ملك قشتالة و ليون فرديناند الثالث الملقب بالقديس. فشكرا للرب على هذا الفتح –زعموا- وهب جامعها الأعظم للسيدة العذراء و رفع فوقه الصليب, ناقلا إياه من نور الذكر و التوحيد إلى غياهب الشرك و التعميد. قام فرديناند على الفور بإغلاق جميع مخارج الصحون التسعة عشر المطلة على الفِناء باستثناء مخرج واحد يعرف اليوم باسم باب النخيل Puerta de las palmas. و سنة 1258م قام الملك ألفونسو الخامس الملقب بالحكيم ببناء معبد كبير Capilla mayor في بهو الجامع و سمّاه معبد فيلافيسيوسا Capilla villaviciosa, ثم المعبد الملكي سنة 1260م و كان مخصصا ليكون ضريحا لكنه تحوّل إلى مجلس كنسي. لكن في سنة 1312م استقبل المعبد جثة فرديناند الرابع, ثم جثة ألفونسو السادس سنة 1371م الذي مات خلال حصاره لجبل طارق الذي لازال آنذاك بيد المسلمين.
و خلال قرنين و نصف اكتفى النصارى بهذه التشويهات للجامع, لكن في نهاية القرن الخامس عشر قام الأسقف إنييكو منريكInego Manrique بتقديم مخطط لبناء أول كاتدرائية في قلب المعلمة الإسلامية ناويا تدمير عمادات خمسة صحون. لكن الملكة إيزابيلا رفضت إعطاء ترخيص بذلك.
و استمرت محاولات القساوسة لإغراء ملوك إسبانيا بوجوب بناء صرح صليبي و سط الجامع, و قد كان لهم ذلك في ابريل سنة 1523 حيث أعطى الإمبراطور شارل الخامس الضوء الأخضر لانطلاق أشغال بناء كاتدرائية في قلب الجامع. هذه الأشغال بدأها المهندس هيرنان رويز العجوز ثم ابنه هرنان رويز الصغير. لكن بعد 3 سنوات على بداية الأشغال قام الإمبراطور شارل بزيارة لقرطبة فوقف على ما حدث للجامع فأبدى استياءه العميق و قال جملته الشهيرة: لو علمت ما كنتم تنوون عمله ما رخّصت لكم, لأن ما أنشأتموه يمكن رؤيته في أي مكان بينما ما دمّرتموه لن نر له مثيلا. و على أي حال فقد استكملوا بناء الكاتدرائية سنة 1599م و توالت الاستدراكات على بناء الجامع حتى صار إلى الشكل الذي هو عليه اليوم.
أمّا منارة الجامع فقد تعرّضت هي الأخرى للتبديل خلال سنوات 1593م و 1664م
محراب الجامع
المقصورة
صورة من منارة الجامع حيث أصوات قرع الأجراس ترتفع بدل صوت الآذان
6- جامع قرطبة في عيون المنصفين من غير المسلمين.
يقول العلامة الدكتور تقي الدين الهلالي رحمه الله : لاشك أن كثيرا من الأوربيين يحملهم التعصب على إخفاء محاسن مدنية العرب و المسلمين و لاسيما المدنية الكبرى التي أوقدوا مصباحها لأول مرّة في أوربا نفسها. فتارة يخفون الحسنات و يمرون عليها مرور الكرام باللغو, و تارة يذكرونها إذا اضطروا إلى ذلك ناقصة مشوهة. و المنصفون الخالون من التعصب الممقوت قليلون جدا في هذا الزمان و فيما قبله (6)
و قد قام العلامة تقي الدين رحمه الله تعالى بترجمة كتاب ينصف حضارة المسلمين بالأندلس لعالم من علماء أمريكا هو جوزيف ماكيب, الذي ألّف 200 مجلدا في العلوم المختلفة و يصفه الأمريكان ب أكبر عالم في العالم و كان هذا الرجل راهبا في أحد الأديرة و ترك الرهبانية بعد أن قضى اثنتي عشرة سنة فيها و نبذ المسيحية كلها و اعتنق الإلحاد الفلسفي –و العياذ بالله-.
يقول عنه العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله: إنه دائرة معارف ناطقة متحركة و إنه منصف لا يتعدى حدود الإنصاف و الحقيقة و لا يقول شيئا إلا ما تؤيد البيانات و المستندات المعتبرة
يقول جوزيف ماكيب عن جامع قرطبة : لم يبق من آثار قرطبة في القرون الوسطى إلا أثر واحد و هو جامعها الذي لا يزال إلى اليوم جميع أطفال قرطبة يسكونه مسجدا و لولاه ما تجشم أحد عناء السفر لمشاهدة قرطبة – و لو كانت على خمسة أميال منه – و لكن الناس من جميع أنحاء الدنيا يسافرون إليها ليشاهدوه. و هو أعظم معبد في الدنيا بعد كنيسة (سنت بترس) و هو آية لا نظير لها من الهندسة و البناء و ظاهر هذا المسجد لا يستولي على اللب. و لم يكن المغربيون الذين كانوا يفضلون الإقامة داخل البيوت أكثر من خارجها يهتمون نسبيا كثيرا بالظاهر. و أما في الداخل فهناك العجائب إذا دخلت الجامع من أي باب من أبوابه التسعة عشر يخيل إليك أنك تائه في غابة من أشجار المرمر. ففيه ثمانمائة و ستون سارية رقيقة من المرمر و الرخام و اليشب و فيه غير ذلك ألف و اثنتا عشرة سارية. و فيه تسعة عشر رواقا ينتهي كل منها بباب من الأبواب التسعة عشر. و له سقف خشبي منخفض نسبيا قد زخرف أحسن زخرف بالأرجوان و الذهب. و في الأعياد الكبيرة توقد مائتان و ثمانون ثريا من الفضة و النحاس يحترق فيها الزيت العطر و تتلألأ فيها آلاف كثيرة من المصابيح فتلقي أنوارها على ذلك المشهد : و أكبر ثريا منها كان محيطها ثمانية و ثلاثون قدما يحمل ألفا و أربعمائة و أربعا و خمسين مصباحا. و لها مرآة تعكس النور فيزيد شعاعه تسعة أضعاف. و فيها 6000 آلاف طبق من الفضة مسمرة بالذهب و مرصعة باللؤلؤ و كان الجامع قد شيد مع مضافاته في القرن الثامن و التاسع و العاشر (الميلادي). المحراب الذي هو أقدس محل في مسجد المغربيين كان فيه حنيتان و كان أعظم زخرفا من سائر المسجد. و آخر المحراب يشبه صدفة من رخام و له مدخل يتلألأ كالذهب الخالص و الديباج بفسيفسائه الجميلة. و أحيل القارئ على كتب زخرفة البناء أو كتب الاستدلال ليرى عجائب هذا الجامع العظيم...و هو أثر لمدنية زاهية لا يضاهيها اليوم شيء في الدنيا كلها. و كان عبد الرحمان الأول مؤسس هذه الدولة جعل مدينة قرطبة على مثال مدينة دمشق التي قضى فيها أوائل عمره. و هو الذي ابتدأ بناء الجامع و أتمه الخلفاء الذين جاؤوا بعده, و بلغت نفقاته على ما حدثنا به مؤرخو العرب 300.000.000 دولار. و إنما كان هذا آخر عمل عمله في حياته. (7)
صورة لسورمن أسوار الجامع
7- جامع قرطبة اليوم
بعد إقرار الأسبان لقانون حرية الأديان خلال السبعينيات من القرن العشرين, أخذ الإسلام يظهر علنا بين مواطني قرطبة و إسبانيا عموما و بدأ التفكير في حالة الأسر التي يعيشها الجامع الأعظم, فتكررت الطلبات من المسلمين للسلطات الإسبانية بالسماح لهم بالصلاة فيه, لكنها جوبهت بالرفض من طرف السلطات الكنسية. وقد قامت بعض الشخصيات الإسلامية بالصلاة بالجامع كأمير البيان شكيب أرسلان و الكاتب الباكستاني محمد إقبال رحمهما الله.
و أنقل لكم ما جاء في آخر ما كتبه الشيخ إبراهيم الكتاني رحمه الله و هو المغربي الأندلسي الأصل عن جهود المسلمين لفك أسر جامع قرطبة – و كمعلومة هذا هو آخر مقال كتبه صبيحة يوم وفاته الأحد 29 ربيع الثاني عام 1411هجرية, سويعات قبل وفاته – .
و في السبعينات من القرن الميلادي الجاري عقد رهبان مسجد قرطبة الكاتدرائية, برئاسة مطران قرطبة, لقاءا دعوا له مسلمين من المغرب و المشرق, و قالوا إنه حوار بين الإسلام و المسيحية, و إنهم نظموه من تلقاء أنفسهم لم يستشيروا فيه مع الفاتيكان...و أذنوا للمسلمين بصلاة الجمعة في مسجد قرطبة لأول مرّة من استيلاء النصارى عليه. ذلك ما وعته ذاكرتي في مقال نشرته مجلة العربي الكويتية, و لست أدري بماذا أجاب المسلمون الحاضرون
و بعد أن أخذ الإسلام يظهر علنا بين مواطني قرطبة, و تكوّنت أول جماعة إسلامية لهم بها, تنكّر مطران قرطبة لكل كلماته المعسولة, و أخذ يتهجم على الإسلام و أهله كما ذكر الكتاب, و يرجع بالمسلمين الأندلسيين إلى أسوأ الذكريات من أعمال سلف المطران سيئ الذكر. ووصل الحقد بالمطران و الكنيسة إلى منع المسلمين, بما فيهم أهل قرطبة, من الصلاة في مسجد قرطبة الأعظم منعا باتا. و انقطعت بعد ظهور الإسلام في قرطبة علانية مؤتمرات الكنيسة مدعية الحوار مع المسلمين
وقد زار الأمير شكيب أرسلان رحمه الله الأندلس و طلب من حكامها السماح له بالصلاة في جامع قرطبة, وأخذت له صورة رائعة بثياب إسلامية, و لعله أول مسلم صلى فيه منذ الإستيلاء عليه. و كذلك فعل محمد إقبال الباكستاني رحمه الله. و ذكر لي صديقنا الدكتور عبد الله المنصوري رحمه الله, و هو تلمساني عاش معنا في فاس حوالي ربع قرن, أنه يزور مع عائلته و أولاده الأندلس كل سنة حتى لا ننسى.... ( هذا آخر ما كتبه رحمه الله.
هذا باختصار بعض ما ذُكر عن جامع قرطبة من إقامته إلى يوم الناس هذا. فنسأل الله أن يعيده للمسلمين فينطلق الآذان منه بعد طول غياب. و نسأله أن نكون ممن قال فيهم :الذين إن مّكّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة و أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور الحج. آية 41.
و الحمد لله رب العالمين.و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
كتبه أبوتاشفين هشام بن محمد المغربي.
الهوامش:
(1) تاريخ الأندلس لمؤلف مجهول. دراسة و تحقيق الدكتور عبد القادر بوباية. ص 81. قال الدكتور بوباية:و أورد المقري مصدرا آخر للخبر حيث قال: و ذكر ابن بشكوال في رواية. نفح الطيب ج1 ص 563
(2)تاريخ الأندلس لمؤلف مجهول. دراسة و تحقيق الدكتور عبد القادر بوباية. ص 81-86.
(3) نفح الطيب المقري. ج1 ص 556.
(4)المعجب في تلخيص أخبار المغرب عبد الواحد بن علي المراكشي المتوفى سنة 647هجرية. ص270.
و سبحان الله و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين .
.
بناء جامع قرطبة
في الرابع من رمضان عام 350 هجري شرع الحكم المستنصر بالأندلس في بناء جامع قرطبة، احد اجمل الجوامع الاسلامية وأعظم الآثار الاسلامية في الاندلس .
وافتتح المستنصر خلافته بالنظر في المسجد الجامع بقرطبة، وهو أول قرار أنفذه، وأمر به ، وذلك في اليوم الثاني من يوم خلافته، وكان محيط قرطبة قد كثر به الناس، فضاق الجامع عن حملهم، ونالهم التعب في ازدحامهم، فسارع المستنصر الى الزيادة فيه، فخرج لتقديرها وتفصيل بنيانها، وقد أضاف المستنصر الى جامع قرطبة محراباً أجمع كل المؤرخين على أنه أجمل ما في مسجد قرطبة.
تدلف من الجسر الروماني على نهر "الوادي الكبير" - لا يزال محتفظا باسمه العربي - فينتابك الحنين أمام المسجد الجامع الذي لا تزال تعلو جدرانه المنيعة نقوشه القرآنية مخلدة عبقرية فنية نادرة.
ساحة المسجد الذي تحول إلى كاتدرائية بعد سقوط قرطبة في أيدي الأسبان عام 1236 ميلادية كانت تملأها أشجار البرتقال والرمان وكان يأكل منها الجائعون والقادمون إلى المدينة من بقاع شتى.
على مساحة 24 ألف متر أقيم المسجد الجامع في قرطبة ليكون واحدا من أكبر مساجد العالم الإسلامي، بدأ بناؤه عبد الرحمن الداخل في عام 755 وتم توسيعه ثلاث مرات حتى وصل مساحته الحالية.
يقوم المسجد الجامع على أكثر من ألف عمود و كان يتسع يوما لأربعين ألف مصل وقتما كان سكان قرطبة نصف مليون نسمة. يقول دليلنا إن المسجد هو الوحيد في العمارة الإسلامية الذي لا يتجه محرابه نحو القبلة في مكة. ولذلك تفسيرات متعددة غير محسومة.
لم يرغب الأسبان في هدم المسجد عقب سقوط قرطبة فحولوه إلى كنيسة تملأ جدرانها النقوش القرآنية تتداخل مع التماثيل والأيقونات المسيحية وشواهد رفات القديسين ورجال الدين الذين دفنوا في المكان.
وبدلا من مسمى المسجد الجامع صار اسمه "موزكيتو/ كاثدرائيل" أي المسجد الكاثدرائية في إشارة لا تتكرر لمكان عبادة مسيحي ، حتى مئذنته الشاهقة أحيطت ببرج مربع تنتصب فوقه أجراس الكنيسة، لإخفاء طابعها الإسلامي.
وعلى بعد خمسة أميال تقريبا من قرطبة القديمة تقف بقايا مدينة الزهراء التي قيل أن الخليفة عبد الرحمن الناصر شرع في بنائها
و من بين المساجد التي ابتليت بطغيان النصارى : الجامع الأعظم لقرطبة, و هو أعظم المعالم الإسلامية بأوربا بل و في العالم أجمع فقد كان ثاني أكبر مسجد بعد المسجد الحرام و لازال إلى يومنا هذا من المساجد الكبرى و لازال أهل إسبانيا يلقبونه بميزكيتا و تعني المسجد باللغة الإسبانية. فرغم أن النصارى بنوا وسطه كنيسة عظمى و ووزعوا الصلبان بين أحشائه و نشروا الصور في جنباته ,إلا أن الناس لا يرونه إلا مسجدا. و الزائر لقرطبة لا يقصد إلا مسجدها و يغادر المسجد و لا يفكر حتى في زيارة كاتدرائية النصارى التي بنوها لحجب الأنظار عن الجامع.
1- موضع جامع قرطبة قبل الإسلام.
انتشرت في كتب من أرّخ لقرطبة و جامعها الأعظم رواية من الإسرائيليات تتحدث عن قصة المكان الذي بني فيه الجامع حيث نقل أندلسي مجهول ألّف كتابا موجزا عن تاريخ الأندلس عن ابن عتاب عن عبد الله الزهراوي عن شيوخه أن موضع جامع قرطبة كان حفرة عظيمة يطرح فيها أهل قرطبة قمامتهم و أدفانهم و جيفهم و يدفنون فيها؛ فلما قدم سليمان بن داوود عليه السلام بلاد الأندلس مرّ على قرطبة؛ فنزل بإزائها؛ فرأى تلك الحفرة؛ فوقف عليها ثم قال لجنوده: اردموا هذا الموضع و عظموه و عدلوه؛ فسيكون به مسجدا يعبد الله فيه, ففعلوا ما أمرهم به نبي الله سليمان؛ فلما فرغوا من توطئته و تسويته أمرهم أن يبنوا به مسجدا فبنوه, و جعل فيه من يعمره من أحبار بني إسرائيل, و يقيموا فيه أحكام التوراة و الزبور؛ فلم يزل كذلك إلى أن بعث الله عيسى عليه السلام, و ظهر دين النصرانية؛ فصار ذلك المسجد كنيسة للنصارى يعبدون الله فيها, و يقرءون الإنجيل إلى أن فتح المسلمون الأندلس
2- بناء جامع قرطبة الأعظم ووصفه:
قال المؤلف المجهول لتاريخ الأندلس عن بناء الجامع : و دخل طارق بن زياد مولى موسى بن نصير قرطبة؛ فأمر ببناء المسجد الجامع المذكور في نصف تلك الكنيسة, فبقي و بقي النصف الثاني كنيسة بأيدي النصارى الذمة.
فلم يزل الأمر كذلك إلى أن ولي الإمام عبد الرحمان الداخل الأندلس؛ فاشترى النصف الثاني من الكنيسة, و زاده في الجامع المذكور و بناه و أتقنه, و أنفق في بنائه مائة ألف دينار بالوزنة.
ثم زاد فيه و حسن بناءه ولده هشام و حفيده الحكم, ثم زاد فيه عبد الرحمان بن الحكم الإمام زيادة كثيرة.
كانت أقواسه القديمة التي بناها جده عبد الرحمان الداخل وولده هشام و من كان قبلهما من الأمراء تسعة أقواس؛ فزاد فيه عبد الرحمان بن الحكم بهوا من جهة المشرق و بهوا من جهة المغرب؛ فأكملها أحد عشر قوسا, و أعلى سقفه, و بناه بالآلات العجيبة, وجعل سعة كل بهو منها تسعة أذرع و نصف ذراع, و أكمل أبواب الجامع سبعة أبواب, عرض كل باب منها خمسة أذرع, و جعل حدّ الزيادة من حد الأرجل إلى منتهى القبلة تسعة و أربعين ذراعا, وجعل عرض الأرجل الرأسية في المسجد خمسة أشبار, و زاد في جوفه سقيفة للنساء عدد سواريها ثلاثة و عشرون سارية, وذلك في سنة أربع و ثلاثة و مائتين.
ثم زاد فيه أمير المؤمنين الحكم المستنصر بالله تعالى على أحد عشر بلاط, ونقل المحراب القديم إلى موضعه إلى الآن , و أتقنه و زينه و أنفق فيه أموالا جليلة, وصنع به منبرا عظيما مؤلفا من الأبنوس و الصندل الأحمر و الأصفر و النبع و العُنّاب و الشوحط و البقم , و نصبه بالمقصورة.
ثم كان آخر من بناه و أتقنه و زاد فيه على ما كان بناه الخلفاء قبله نحو النصف الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر, ابتدأ بالبناء فيه غرة رجب من سنة إحدى و ثمانين و ثلاثمائة, و صلى الناس فيه في رجب سنة أربع و ثمانين و ثلاثمائة و وكان العمل فيه نحو من سنتين و نصف, وخدم فيه رحمه الله ووجوه أعيان الجلالقة و الإفرنج و الرمانيين من النصارى يعملون مع الصناع مصفدين في الحديد إلى أن أكمل البناء.
وصنع فيه الأجباب لاستقرار مياه المطر تحت صحن الجامع المذكور؛ فكمل على أتقن شيئ.
فجعل سطح الجامع المذكور من القبلة إلى الجوف ثلاثمائة ذراع و سبعة و أربعين ذراعا, و عرضه مائتان و خمسين ذراعا, وتكسير أرضه حرث مدّين و قفيز و ثلث, وقيل إن تكسير أرضه بالمساحة أحد عشر قفيزا و ثلث قفيز بالقرطبي.
و عدد بلاطاته المسقفة تسعة عشر بلاطا, وعدد أبوابه الكبار و الصغار خمسة و ثلاثون بابا؛ فالكبار منها إحدى و عشرون بابا, و الصغار باقيها, منها في الجانب الغربي سبعة و في الشرقي تسعة, و في الجوفي عشرة, و باقيها في القبلة حيث هو باب الساباط الذي يدخل منه الخلفاء, و الأبواب الكبار منها كلها مغشاة بصفائح النحاس المموه بالذهب.
و عدد سواريه الحاملة لسقفه, و الملصقة ببنائه و قبابه و مناره ما بين كبار و صغار ألف سارية و أربعمائة سارية و تسع سواري, منها بداخل المقصورة مائة سارية و تسعة عشر سارية, ومنها في الصومعة من خارجها و من داخلها مائة و أربعون سارية, ومنها الحاملات لسقف البلاطات و ما اتصل بها ألف سارية و مائتان و ثلاث و خمسون سارية.
و سعة المنار من كل وجه من تربيعه ثمانون شبرا و ارتفاعه إلى حيث يقف المؤذن مائة و ستون ذراعا, و الصومعة القديمة مائة و خمسون ذراعا, و عرضها في كل تربيع ثمانية عشر ذراعا, و عدد أدراجها في الشق الأيمن مائة درجة و عشر درجات, و في الشق الأيسر مائة درجة و عشر درجات.
و عدد ثرياته الصغار مائتان و خمسة و ثلاثون ثرية منها في الصومعة خمسة, و منها في القبة أربعة, و هي أعظمها, تحمل كل ثرية منها سبعة أرباع من الزيت تحترق فيها في ليلة واحدة, و منها في المقصورة ثلاثة ثريات من الفضة الخالصة, تحمل كل ثرية منها ثمانية عشر رطلا من الزيت, و يحترق بالجامع المذكور أعاده الله للإسلام من الزيت كل سنة في الثريات المذكورة ألف ربع و ثلاثون ربعا منها في شهر رمضان خاصة دون أشهر السنة خمسمائة ربع كاملة.
و صنع فيه منبرا عظيما فيه ستة و ثلاثون ألف وصل, قام كل وصل منها بسبعة دراهم فضة, و كل وصل منها مؤلف من أنواع الخشب الرفيع كالعود الرطب و غيره, و الأوصال كلها مسمرة بمسامير الذهب و الفضة, ومنها ما هو مكوكب الرأس بالجوهر و نفيس الأحجار, لم يصنع في الإسلام منبرا أحسن منه, و عدد درجاته تسع درجات, و خدم فيه خمسة أعوام, وأنفق في عمله ثلاثين ألف دينار و سبعمائة دينار و خمسة دنانير و ثلاثة دراهم.
و عدد الخدم و القومة و المؤذنين فيه في زمن الخلفاء و أيام المنصور محمد بن أبي عامر ثلاثمائة رجل, وعدد قومته في أيام الفتنة سبعة و ثمانون رجلا, و ليس بالأندلس و لا في بلاد الإسلام جامع أكبر منه.
و صنع في القبة التي في وسط الجامع حيث كان المحراب القديم ثرية عظيمة دورها خمسون شبرا تحتوي على ألف كأس و أربعة و ثمانين كأسا مموهة كلها بالذهب.
و تحتوي ثريات الجامع كلها بين صغار و كبار و التي بالقباب التي أمام الأبواب على عشرة آلاف و ثمانمائة و خمسين كأسا لها من مشك الرصاص في كل سنة وزن ستة عشر ربعا.
و صنع في أعلى منار الصومعة الكبرى ثلاث رمانات, دور كل رمانة منها ثلاثة أشبار ونصف, اثنان منها من ذهب إبريز و الثالثة فضة قبلها و فوقها سوسنة قد سدست من فوقها رمانة من ذهب صغيرة على رأس البرج, و هي أحد غرائب الأرض.
و من أبواب الجامع المذكور ثلاثة أبواب لا يدخل عليها إلا النساء و هي من أبواب الجوف.
و كان بالجامع المذكور في بيت منبره مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي خطه بيده, عليه حلية من ذهب مكللة بالجوهر و الياقوت, و عليه أغشية الديباج , وهو على كرسي من العود الرطب مسمر بمسامير الذهب.
و كان للجامع في يوم كل جمعة رطل عود وربع رطل عنبر يتبخر به.
و صنع إلى جوانب الجامع من جهة المشرق و من جهة المغرب و من الجوف ثلاث ساقيات, في كل ساقية عشرون بيتا للتصرف, وفي صحنها صهريج, و في وسطه فوارة من الماء المعين, وتم ذلك كله بالبناء في سنة تسعين و ثلاثمائة.(2)
3- مخطط لجامع قرطبة قبل سقوطه بيد النصارى سنة 1236م.
* اللون الاصفر و ما والاه بالأبيض من جهة اليمين : الجامع كما بناه أول مرّة عبد الرحمان الداخل رحمه الله.
* اللون الأخضر : توسعة عبد الرحمان الأوسط.
* اللون الأزرق : توسعة الحكم الثاني و هو باني المحراب الذي لازال يبهر زوّار الجامع إلى يوم الناس هذا.
* أقصى اليمين في الأعلى باللون الأبيض: توسعة عبد الرحمان الناصر و هو باني منارة الجامع و التي توجد اليوم داخل منارة الأجراس الحالية التي بناها النصارى
* اللون الوردي و أقصى اليمين في الأسفل باللون الأبيض: زيادة المنصور بن أبي عامر.
منارة الجامع الأصلية تقع داخل برج الأجراس هذا
4- مناقب جامع قرطبة الأعظم
لعب الجامع الأعظم دورا مهما في رفع مكانة قرطبة في العالم بأسره خلال العهد الإسلامي, فقد كان مقصد طلاب العلم الديني و الدنيوي مسلمين و كفارا , و فيه تلقى بابوين للكنيسة الكاثوليكية تعليمهما.
يقول المقري في نفح الطيب : و اعلم أن لعظم أمر قرطبة كان عملها حجة بالمغرب, حتى إنهم يقولون في الأحكام, هذا مما جرى به عمل قرطبة (3)
و نقل مؤرخ الدولة الموحدية عبد الواحد المراكشي في مناقب الجامع: وحكى أبو مروان بن حيّان –رحمه الله- في أخبار قرطبة أن الحكم لما زاد زيادته المشهورة في الجامع, اجتنب الناس الصلاة فيها أياما, فبلغ ذلك الحكم, فسأل عن علته, فقيل له إنهم يقولون: ما ندري هذه الدراهم التي أنفقها في هذا البنيان من أين اكتسبها. فاستحضر الشهود و القاضي أبا الحكم المنذر بن سعيد البلوطي, و استقبل القبلة و حلف باليمين الشرعية التي جرت العادة بها ما أنفق فيه درهما إلا من خُمس المغنم. و حينئذ صلى الناس فيه لما علموا بيمينه؛ و من الخمس أيضا كان أبوه بناه؛ و زاد فيه أبو عامر محمد بن أبي عامر زيادة أخرى من هذه النسبة؛ فهو مسجد لم ينفق فيه درهم إلا من خمس المغنم؛ و هو معظّم القدر عند أهل الأندلس, مبارك, لا يصلي فيه أحد و يدعو بشيء من أمر الدنيا و الآخرة إلا استجيب له؛ فقد عُرف ذلك من أمره و اشتهر.
و حكى غير واحد أن الأدفنش –لعنه الله – لمّا دخلها في شهور سنة 503 هجرية, دخل النصارى في هذا المسجد بخيلهم, فأقاموا به يومين لم تبُل دوابهم و لم ترُث حتى خرجوا منه؛ و هذه الحكاية مما تواتر عندهم و استفاض بقرطبة.(4)
و أضاف المقري منقبة أخرى فقال: و لما ذكر ابن باشكوال زيادة المنصور بن أبي عامر في جامع قرطبة قال: و من أحسن ما عاينه الناس في بنيان هذه الزيادة العامرية أعلاج النصارى مصفّدين في الحديد من أرض قشتالة و غيرها...إذلالا للشرك و عزة للإسلام.(5)
5- و سقط الجامع بيد النصارى
سنة 1236م سقطت قرطبة –ردها الله أرض دار إسلام- بيد ملك قشتالة و ليون فرديناند الثالث الملقب بالقديس. فشكرا للرب على هذا الفتح –زعموا- وهب جامعها الأعظم للسيدة العذراء و رفع فوقه الصليب, ناقلا إياه من نور الذكر و التوحيد إلى غياهب الشرك و التعميد. قام فرديناند على الفور بإغلاق جميع مخارج الصحون التسعة عشر المطلة على الفِناء باستثناء مخرج واحد يعرف اليوم باسم باب النخيل Puerta de las palmas. و سنة 1258م قام الملك ألفونسو الخامس الملقب بالحكيم ببناء معبد كبير Capilla mayor في بهو الجامع و سمّاه معبد فيلافيسيوسا Capilla villaviciosa, ثم المعبد الملكي سنة 1260م و كان مخصصا ليكون ضريحا لكنه تحوّل إلى مجلس كنسي. لكن في سنة 1312م استقبل المعبد جثة فرديناند الرابع, ثم جثة ألفونسو السادس سنة 1371م الذي مات خلال حصاره لجبل طارق الذي لازال آنذاك بيد المسلمين.
و خلال قرنين و نصف اكتفى النصارى بهذه التشويهات للجامع, لكن في نهاية القرن الخامس عشر قام الأسقف إنييكو منريكInego Manrique بتقديم مخطط لبناء أول كاتدرائية في قلب المعلمة الإسلامية ناويا تدمير عمادات خمسة صحون. لكن الملكة إيزابيلا رفضت إعطاء ترخيص بذلك.
و استمرت محاولات القساوسة لإغراء ملوك إسبانيا بوجوب بناء صرح صليبي و سط الجامع, و قد كان لهم ذلك في ابريل سنة 1523 حيث أعطى الإمبراطور شارل الخامس الضوء الأخضر لانطلاق أشغال بناء كاتدرائية في قلب الجامع. هذه الأشغال بدأها المهندس هيرنان رويز العجوز ثم ابنه هرنان رويز الصغير. لكن بعد 3 سنوات على بداية الأشغال قام الإمبراطور شارل بزيارة لقرطبة فوقف على ما حدث للجامع فأبدى استياءه العميق و قال جملته الشهيرة: لو علمت ما كنتم تنوون عمله ما رخّصت لكم, لأن ما أنشأتموه يمكن رؤيته في أي مكان بينما ما دمّرتموه لن نر له مثيلا. و على أي حال فقد استكملوا بناء الكاتدرائية سنة 1599م و توالت الاستدراكات على بناء الجامع حتى صار إلى الشكل الذي هو عليه اليوم.
أمّا منارة الجامع فقد تعرّضت هي الأخرى للتبديل خلال سنوات 1593م و 1664م
محراب الجامع
المقصورة
صورة من منارة الجامع حيث أصوات قرع الأجراس ترتفع بدل صوت الآذان
6- جامع قرطبة في عيون المنصفين من غير المسلمين.
يقول العلامة الدكتور تقي الدين الهلالي رحمه الله : لاشك أن كثيرا من الأوربيين يحملهم التعصب على إخفاء محاسن مدنية العرب و المسلمين و لاسيما المدنية الكبرى التي أوقدوا مصباحها لأول مرّة في أوربا نفسها. فتارة يخفون الحسنات و يمرون عليها مرور الكرام باللغو, و تارة يذكرونها إذا اضطروا إلى ذلك ناقصة مشوهة. و المنصفون الخالون من التعصب الممقوت قليلون جدا في هذا الزمان و فيما قبله (6)
و قد قام العلامة تقي الدين رحمه الله تعالى بترجمة كتاب ينصف حضارة المسلمين بالأندلس لعالم من علماء أمريكا هو جوزيف ماكيب, الذي ألّف 200 مجلدا في العلوم المختلفة و يصفه الأمريكان ب أكبر عالم في العالم و كان هذا الرجل راهبا في أحد الأديرة و ترك الرهبانية بعد أن قضى اثنتي عشرة سنة فيها و نبذ المسيحية كلها و اعتنق الإلحاد الفلسفي –و العياذ بالله-.
يقول عنه العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله: إنه دائرة معارف ناطقة متحركة و إنه منصف لا يتعدى حدود الإنصاف و الحقيقة و لا يقول شيئا إلا ما تؤيد البيانات و المستندات المعتبرة
يقول جوزيف ماكيب عن جامع قرطبة : لم يبق من آثار قرطبة في القرون الوسطى إلا أثر واحد و هو جامعها الذي لا يزال إلى اليوم جميع أطفال قرطبة يسكونه مسجدا و لولاه ما تجشم أحد عناء السفر لمشاهدة قرطبة – و لو كانت على خمسة أميال منه – و لكن الناس من جميع أنحاء الدنيا يسافرون إليها ليشاهدوه. و هو أعظم معبد في الدنيا بعد كنيسة (سنت بترس) و هو آية لا نظير لها من الهندسة و البناء و ظاهر هذا المسجد لا يستولي على اللب. و لم يكن المغربيون الذين كانوا يفضلون الإقامة داخل البيوت أكثر من خارجها يهتمون نسبيا كثيرا بالظاهر. و أما في الداخل فهناك العجائب إذا دخلت الجامع من أي باب من أبوابه التسعة عشر يخيل إليك أنك تائه في غابة من أشجار المرمر. ففيه ثمانمائة و ستون سارية رقيقة من المرمر و الرخام و اليشب و فيه غير ذلك ألف و اثنتا عشرة سارية. و فيه تسعة عشر رواقا ينتهي كل منها بباب من الأبواب التسعة عشر. و له سقف خشبي منخفض نسبيا قد زخرف أحسن زخرف بالأرجوان و الذهب. و في الأعياد الكبيرة توقد مائتان و ثمانون ثريا من الفضة و النحاس يحترق فيها الزيت العطر و تتلألأ فيها آلاف كثيرة من المصابيح فتلقي أنوارها على ذلك المشهد : و أكبر ثريا منها كان محيطها ثمانية و ثلاثون قدما يحمل ألفا و أربعمائة و أربعا و خمسين مصباحا. و لها مرآة تعكس النور فيزيد شعاعه تسعة أضعاف. و فيها 6000 آلاف طبق من الفضة مسمرة بالذهب و مرصعة باللؤلؤ و كان الجامع قد شيد مع مضافاته في القرن الثامن و التاسع و العاشر (الميلادي). المحراب الذي هو أقدس محل في مسجد المغربيين كان فيه حنيتان و كان أعظم زخرفا من سائر المسجد. و آخر المحراب يشبه صدفة من رخام و له مدخل يتلألأ كالذهب الخالص و الديباج بفسيفسائه الجميلة. و أحيل القارئ على كتب زخرفة البناء أو كتب الاستدلال ليرى عجائب هذا الجامع العظيم...و هو أثر لمدنية زاهية لا يضاهيها اليوم شيء في الدنيا كلها. و كان عبد الرحمان الأول مؤسس هذه الدولة جعل مدينة قرطبة على مثال مدينة دمشق التي قضى فيها أوائل عمره. و هو الذي ابتدأ بناء الجامع و أتمه الخلفاء الذين جاؤوا بعده, و بلغت نفقاته على ما حدثنا به مؤرخو العرب 300.000.000 دولار. و إنما كان هذا آخر عمل عمله في حياته. (7)
صورة لسورمن أسوار الجامع
7- جامع قرطبة اليوم
بعد إقرار الأسبان لقانون حرية الأديان خلال السبعينيات من القرن العشرين, أخذ الإسلام يظهر علنا بين مواطني قرطبة و إسبانيا عموما و بدأ التفكير في حالة الأسر التي يعيشها الجامع الأعظم, فتكررت الطلبات من المسلمين للسلطات الإسبانية بالسماح لهم بالصلاة فيه, لكنها جوبهت بالرفض من طرف السلطات الكنسية. وقد قامت بعض الشخصيات الإسلامية بالصلاة بالجامع كأمير البيان شكيب أرسلان و الكاتب الباكستاني محمد إقبال رحمهما الله.
و أنقل لكم ما جاء في آخر ما كتبه الشيخ إبراهيم الكتاني رحمه الله و هو المغربي الأندلسي الأصل عن جهود المسلمين لفك أسر جامع قرطبة – و كمعلومة هذا هو آخر مقال كتبه صبيحة يوم وفاته الأحد 29 ربيع الثاني عام 1411هجرية, سويعات قبل وفاته – .
و في السبعينات من القرن الميلادي الجاري عقد رهبان مسجد قرطبة الكاتدرائية, برئاسة مطران قرطبة, لقاءا دعوا له مسلمين من المغرب و المشرق, و قالوا إنه حوار بين الإسلام و المسيحية, و إنهم نظموه من تلقاء أنفسهم لم يستشيروا فيه مع الفاتيكان...و أذنوا للمسلمين بصلاة الجمعة في مسجد قرطبة لأول مرّة من استيلاء النصارى عليه. ذلك ما وعته ذاكرتي في مقال نشرته مجلة العربي الكويتية, و لست أدري بماذا أجاب المسلمون الحاضرون
و بعد أن أخذ الإسلام يظهر علنا بين مواطني قرطبة, و تكوّنت أول جماعة إسلامية لهم بها, تنكّر مطران قرطبة لكل كلماته المعسولة, و أخذ يتهجم على الإسلام و أهله كما ذكر الكتاب, و يرجع بالمسلمين الأندلسيين إلى أسوأ الذكريات من أعمال سلف المطران سيئ الذكر. ووصل الحقد بالمطران و الكنيسة إلى منع المسلمين, بما فيهم أهل قرطبة, من الصلاة في مسجد قرطبة الأعظم منعا باتا. و انقطعت بعد ظهور الإسلام في قرطبة علانية مؤتمرات الكنيسة مدعية الحوار مع المسلمين
وقد زار الأمير شكيب أرسلان رحمه الله الأندلس و طلب من حكامها السماح له بالصلاة في جامع قرطبة, وأخذت له صورة رائعة بثياب إسلامية, و لعله أول مسلم صلى فيه منذ الإستيلاء عليه. و كذلك فعل محمد إقبال الباكستاني رحمه الله. و ذكر لي صديقنا الدكتور عبد الله المنصوري رحمه الله, و هو تلمساني عاش معنا في فاس حوالي ربع قرن, أنه يزور مع عائلته و أولاده الأندلس كل سنة حتى لا ننسى.... ( هذا آخر ما كتبه رحمه الله.
هذا باختصار بعض ما ذُكر عن جامع قرطبة من إقامته إلى يوم الناس هذا. فنسأل الله أن يعيده للمسلمين فينطلق الآذان منه بعد طول غياب. و نسأله أن نكون ممن قال فيهم :الذين إن مّكّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة و أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور الحج. آية 41.
و الحمد لله رب العالمين.و الصلاة و السلام على محمد و على آله و صحبه أجمعين.
كتبه أبوتاشفين هشام بن محمد المغربي.
الهوامش:
(1) تاريخ الأندلس لمؤلف مجهول. دراسة و تحقيق الدكتور عبد القادر بوباية. ص 81. قال الدكتور بوباية:و أورد المقري مصدرا آخر للخبر حيث قال: و ذكر ابن بشكوال في رواية. نفح الطيب ج1 ص 563
(2)تاريخ الأندلس لمؤلف مجهول. دراسة و تحقيق الدكتور عبد القادر بوباية. ص 81-86.
(3) نفح الطيب المقري. ج1 ص 556.
(4)المعجب في تلخيص أخبار المغرب عبد الواحد بن علي المراكشي المتوفى سنة 647هجرية. ص270.
و سبحان الله و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين .