الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم و موسى و على آل سيدنا إبراهيم و موسى و بارك على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم و موسى و على آل سيدنا إبراهيم و موسى برحمتك يا أرحم الراحمين إنك أنت الحميد المجيد
السلام عليكم أيها النبي و رحمة الله و بركته
بإسم الله الرحمان الرحيم
﴿ الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون﴾
صدق الله العظيم
عبد الرحمن بن عوف
من أعلام الإسلام النابهين
هو عبد الرحمن بن عوف بن الحارث ، من بنى زهرة من قريش .
وأمُّه الشِّفاء: زهرية أيضاً أبوها عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة. فهي بنت عمِّ أبيه.
ولد بعد عام الفيل بعشر سنين , وكان اسمه فى الجاهلية (عبد عوف)فسماه- الرسول ^ -(عبد الرحمن ).
نشأ فى بيت غنى تجارة كبيرة ,ومن بيوت «بنى زهرة » ذوى حسب ونسب, وإن كانو على الرغم من هذا الحسب والنسب ,إلا إنهم كانوا يصنعون الأصنام ويعبدونها ,ولكن عبدالرحمن كان بعيدا عن هذه الخرافات لا يعبد الأصنام ,وكان يقول الحق , وروى أنه كان قد حرم الخمر على نفسه فى الجاهلية .
لقد ذاع فى أركان مكة أن دين جديد يدعو إلى عبادة الله الواحد القهار قد ظهر , وأن أبا بكر الصديق عليه السلام كان تاجرا ثريا فى مكة ومشهور بين تجارها وقد أمن بهذا الدين الجديد وهو دين الإسلام يدعوا إليه محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم ^ .
وكان أبا بكر صديق لعبد الرحمن بن عوف قبل إسلامه ,فبدأ عبد الرحمن يفكر فى هذا الدين الجديد وظل يفكر ويفكر جيدا ثم ذهب إلى أبا بكر الصديق وسأله عن هذا الدين فعرض أبا بكر على عبد الرحمن بن عوف هذا الدين عرضا جميلا مما حبب عبد الرحمن بن عوف فى هذا الدين الجديد , فعرف عبد الرحمن بن عوف الصدق فى كلام أبا بكر الصديق , ثم أخذه أبا بكر إلى رسول الله-^ - وجلس بين يدى رسول الله- ^ - وسمع كلام الله من رسول الله -^ - فأسلم بين يدى رسول الله -^ - وكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام , وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبا بكر الصديق رضى الله عنه .
وقد آخى رسول الله ^ بينه وبين سعد بن الربيع فى المدينة.
فهو من المهاجرين الأولين. وجمع الهجرتين جميعاً إلى أرض الحبشة، ولم يَسلم عبد الرحمن بن عوف من أذى المشركين واضطهادهم للمسلمين مما اضطره إلى الهجرة إلى الحبشة فى الهجرة الأولى بعد أن أمرهم رسول الله ^ - بالهجرة إلى بلاد الحبشة حيث هناك ملك لا يظلم عنده أحد ,ثم عاد إلى مكة ثم هاجر إلى الحبشة فى الهجرة الثانية , ثم هاجر الهجرة الكبرى إلى المدينة بعد هجرة رسول الله- ^- إليها , ، وآخى رسول الله - ^- بينه وبين سعد بن الربيع.
فقد شهد عبد الرحمن بن عوف غزوة بدر ,وغزوة وأحد , وشهد الغزوات كلها مع رسول الله ^ , وقد أصيب فى غزوة أحد بجروح كثيرة ,وأيضا قد أصابه جرح كبير فى أحد رجليه مما قد ترك عرج برجله وظل مع حتى مات , كما سقطت بعض أسنانه فتركت فكان لا ينطق الكلام واضحا ( كان به هتم فى نطقه وحديثه ) وبعثه رسول الله ^ إلى دُومة الجندل إلى كلب وعمَّمه بيده، وأسدَلها بين كتفيه وقال له: « سِر باسم الله » , وأوصاه بوصاياه لأمراء سَراياهُ، ثم قال له: « إنْ فتح اللهُ عليك فتزوجْ بنتَ مليكِهم » أو قال «شريفهم » . وكان ملكهم هو الأصبع بن ثعلبة بن ضَمضَمَ الكلبيُّ شريفهم. فتزوَّج بنتَهُ تُماضر، فهي أمُّ ابنه أبي سلمى الفقيه, وكان عبد الرحمن أحد العشرة الذين شَهد لهم رسول الله ^ بالجنة، وأحد الستَّة الذين جعل عمر فيهم الشورى. وأخبر أن رسول الله ^ تُوفيَ وهو عنه وهو راضٍ. وصلى رسول الله ^ خلفه في غزوة تبوك. ورُوي عن النبى ^ أنه قال: « عبد الرحمن بن عوف من سادات المسلمين » , ورُوي عن النبى ^ أنه قال: « عبد الرحمن بن عوف أمينٌ في السماء أمين في الأرض» وعن ابن عُمر أن عبد الرحمن بن عوف قال لأصحاب الشورى: هل لكم أن أختار لكم وأنتقي منها؟ فقال علي رضي الله عنه: أنا أولُ من رضي، فإني سمعت رسول الله ^ يقول: « أنت أمين في السماء أمين في أهل الأرض » .
وقال الزبير بن بكار: كان عبد الرحمن بن عوف أمين رسول الله ^ على نسائه.
فعبد الرحمن بن عوف كما عرفنا أنه نشأ فى بيت ثراء وتجارة , وقد هاجر إلى المدينة ولم يكن معه غير قليل من المال فتاجر حتى كان معه المال الوفير الكثير , فقد قال له سعد بن الريع حينما هاجر إلى المدينة وآخا بينهما رسول الله ^ قال له سعد إن لى مال كثير خذ نصفه واترك لى نصفه , فشكره عبد الرحمن بن عوف , وقال له جزاك الله خيرا أنا لست محتاج إلى هذا المال بارك الله لك في أهلك ومالك , ولكن دلَّنى على السوق, وخرج إلى السوق اشترى وباع وربح, وكثر مال عبد الرحمن بن عوف فكان من أغنياء الجزيرة العربية كلها .
وأصبحت قوافله (جمال كثيرة يحمل عليها الطعام)تحضر الطعام والكساء , وذات مرة سمعت السيدة عائشة رضى الله عنها :صوتا رجت له المدينة قالت ما هذا : قالوا هذه قافلة لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام وكانت بها سبعمائة راحلة , فقالت السيدة عائشة رضى الله عنها , إنى سمعت رسول الله ^ يقول رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا ( ) فسمع البعض الصحابة هذا الكلام من السيدة عائشة , فأسرعوا يخبرون عبد الرحمن بن عوف بما سمعوا من السيدة عائشة , فذهب إليها عندما سمع هذا الكلام وسألها عنه فقالت له إن سمعته من رسول الله ^ , فقال عبد الرحمن بن عوف أُشهدك أنها بأحمالها وأحلاسها ( ) وفى رواية أخرى (أقتابها ) ( ) فى سبيل الله عز وجل .
وروى عنه رضى الله عنه أنه تصدق بمال كثير فى تجهيز جيش العسرة , ولرقة قلبه وشدة عطفه على الضعفاء ومشاركته الفقراء والإحساس بآلامهم , أولع بعتق الرقاب وتحرير العبيد ,وكان يشترى العبد ويعتقه(يقول له أنت حر) فى سبيل الله كما رأى أبا بكر يفعل ,وقد عرف عنه أنه فى يوم واحد أعتق ثلاثين عبداوهذا من أفعال الخير بالإنسانية والخدمات الإجتماعية التى رغب فيها الدين الإسلامى الحنيف ,وقد أعد الله للذين أعتقوا رقاب العبيد وجعلوهم أحرارا جنة عرضها السماء والأرض ,,وأيضا قد روى بن عباس رضى الله عنه : أن قافلة جاءت من الشام ومحملة بالتجارة لعبد الرحمن بن عوف فحملها إلى رسول الله ^ فأنفقها على المسلمين فنزل سيدنا جبريل عليه السلام وقال : لرسول الله صلى الله عليه و سلم « أقرىء عبد الرحم السلام وبشره بالجنة » .
ويذكر أن عبد الرحمن بن عوف قد باع فى يوم أرضا بأربعين ألف دينار ثم وزعها على فقراء المسلمين.
وأوصى عند موته لكل من بقى ممن شهدوا بدرا بأربعمائة ألف دينار .
وأيضا من سعة عطائه وجوده أنه كان يقول(أهل المدينة جميعا شركاء لا بن فى ماله ثلث يقرضهم , وثلث يقضى عنهم ديونه, وثلث يصِلهم ويعطيهم).
وقد كان نموذجا للكرم والسخاء لمن يريد أن يقتدى به من الأثرياء , وكان كذلك قدوة رائدة للتاجر الصادق السمح الأمين فى البيع والشراء , وآدار تجارته فى دقة مهارة يجد فيها كل تاجر مسلم القدوة الطيبة , والنموذج الإسلامي المشرف فى العمل والسعي والكد وبذل الجهد , فهو إذا لم يكن فى المسجد يصلى , فهو فى تجارته وبيعه وشرائه وربحه الحلال الذي لا ينعم به وحده , بل ينعم به أهله ورحمه وإخوانه ومجتمعه كله , فلم تكن تجارته احتكارا , ولا شغفا بالثراء , وإنما كانت عملا وسعيا واجبا نحو العمل المشرف حيث يكون .
ومن آثار زهده يذكر عن سعيد بن جُبير قال: أخبرنا أبو الهيَّاج قال: رأيتُ رجلاً يطوف بالبيت وهو يقول: اللهمَّ قني شحَّ نفسي, فسألتُ عنه فقيل: هذا عبد الرحمن بن عوف.
و لما حضرتْهُ الوفاةُ بكى بكاء شديداً. فسئل عن بكائه فقال: إن مصعب بن عمير كان خيراً مني؛ تُوفي على عهد رسول الله ^, فلم يجد له ما يكفَّن فيه, وإن حمزة بن عبد المطلب كان خيراً مني، لم نجد له كفناً, وإني أخشى أنْ أكون ممَّن عُجِّلتْ له طيباتُه في حياة الدنيا, وأخشى أن أُحبس عن أصحابي بكثرة مالي.
وفى موقف آخر يحكى عن عبد الرحمن بن عوف أنه كان لنا جليساً،(إنه كان يجلس مع الفقراء والمحتاجين ) فكان نعم الجليسُ، وإنه انقلب بنا ذات يوم، حتى إذا دخلنا بيته، ودخل فاغتسل ثم خرج. وأُتينا بصحفةٍ فيها خبز ولحم. فلما وضعت بكى عبد الرحمن، فقلت له: يا أبا محمد، ما يبكيك؟ فقال: هلك رسول الله ^ ولم يشبع هو وأهلهُ من خبز الشعير، فلا أرانا أُخِّرنا لما هو خير لنا.
عن أمِّ سلمة(أم المؤمنين رضى الله عنها)، قال: دخل عليها عبد الرحمن بن عوف فقال لها: يا أمَّه (أي يا أمي)قد خفت أن يُهلكني كثرة مالي؛ أنا أكثر قريش مالاً. قالت: يا بُنيَّ أنفق، فإني سمعت رسول الله ^ يقول: « إنَّ من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه», فخرج عبد الرحمن ولقيَ عمر بن الخطاب فأخبرهُ، فذهب عمر إلى أمِّ سلمة (أم المؤمنين رضى الله عنها) فدخل عليها فقال: بالله منهم أنا؟ فقالت: لا والله ، ولا أُبِّرئ أحداً بعدك.
ورغم كل هذا إنه لم يدخل فى نفسه ذرة كبر ,بل قيل عنه إنه لو رآه رحل غريب لا يعرفه وهو جالس مع خدمه , ما استطاع أن يميزه من بينهم .
وكان رضى الله عنه لا يحب أن الجاه أو السُطلة,وكان عمر رضى الله عنه قد اختاره من بين ستة أشخاص ليكون منهم الخليفة فتنازل هو عن أن يرشح للخلافة فرضوا أن يحكموه ويختار هو الخليفة , وقال له الإمام على كرم الله وجهه قال لقد سمعت رسول اله ^ يصفك بأنك آمين فى أهل السماء وأمين فى أهل الأرض».
ويذكر بعض المفسرين فى أسباب نزول قول الله عز و جل ، بإسم الله الرحمان الرحيم:﴿الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) أنها نزلت فى عبد الرحمن بن عوف .
وقد صلى الرسول ^ خلفه حين كان ابن عوف يصلى بالجنود إماما , وكان الرسول ^ يتوضأ , فصلى الركعة الأخيرة وراءه , وقال : «ما قبض نبى حتى يصلى خلف رجل صالح من أمته».
وكان رضى الله عنه : يفتى أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه عندما أصاب الطاعون بلاد الشام فقال لعمر عليه السلام عندى من ما يفيد فى هذا الأمر قد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول أنه إذا وقع بأرض بلاء فلا تقدموا عليه , وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منها , وأيضا هو الذى اختار عثمان بن عفان رضي الله عنه و أرضاه لخلافة سيدنا عمر عليهم السلام .
ولما ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الأغنياء يدخلون الجنة بشدة استأذنه عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه فى أن يخرج عن جميع ما يملكه فأذن له فنزل جبريل عليه السلام وقال امره بأن يطعم المسكين ويكسو العارى ويقرى الضيف.
وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم آخر الأنبياء دخولا الجنة سليمان بن داود عليهما السلام لمكان ملكه وآخر أصحابي دخولا الجنة عبد الرحمن بن عوف لمكان غناه.
كان عبد الرحمن بن عوف ممن يفتي في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر وعثمان عليهم السلام بما سمع من النبي صلى الله عليه و سلم.
كان سن عبد الرحمن بن عوف عند وفاته خمسة وسبعون عاما, وعند وفاته كان ذلك فى العام الحادى والثلاثين من الهجرة النبوية , وعندما جاء أجله أرادت السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : وهو على فراش الموت , أن يدفن بجوار رسول الله صلى الله عليه و سلم , وأبى بكر رضي الله عنهما.
ولكنه استحيا أن يرفع إلى هذا الشأن, ووفاء منه للعهد قال لها إنه كان على موعد مع الصحابي الجليل عبد الله بن مظعون رضي الله عنه ,أيهما مات بعد الآخر دفن مع صاحبه .
وبينما كانت روحه الشريفة تخرج ,كانت عينه تدمع , ولسانه يتمتم , ويقول إنى أخاف أن أحبس عن أصحابى لكثرة ما كان لى من مال .
ولكن نزلت عليه سكينة ربه , وغشيته رحمة ربه , ففاضت روحه الكريمة , ونفسه مطمئنة , وكان يسمع صدى صوت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يقول « عبد الرحمن بن عوف فى الجنة , ورفيقه بها عثمان بن مظعون عليهم السلام ».
رضى الله عنه وأرضاه , وعن جميع الصحابة والتابعين ومن تبعهم وعلى نهجهم مشى وعمل إلى يوم الدين.
وسبحان الله و سلام على المرسلين و الحمد لله و الشكر لله الرحمان الرحيم .
السلام عليكم أيها النبي و رحمة الله و بركته
بإسم الله الرحمان الرحيم
﴿ الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون﴾
صدق الله العظيم
عبد الرحمن بن عوف
من أعلام الإسلام النابهين
هو عبد الرحمن بن عوف بن الحارث ، من بنى زهرة من قريش .
وأمُّه الشِّفاء: زهرية أيضاً أبوها عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة. فهي بنت عمِّ أبيه.
ولد بعد عام الفيل بعشر سنين , وكان اسمه فى الجاهلية (عبد عوف)فسماه- الرسول ^ -(عبد الرحمن ).
نشأ فى بيت غنى تجارة كبيرة ,ومن بيوت «بنى زهرة » ذوى حسب ونسب, وإن كانو على الرغم من هذا الحسب والنسب ,إلا إنهم كانوا يصنعون الأصنام ويعبدونها ,ولكن عبدالرحمن كان بعيدا عن هذه الخرافات لا يعبد الأصنام ,وكان يقول الحق , وروى أنه كان قد حرم الخمر على نفسه فى الجاهلية .
لقد ذاع فى أركان مكة أن دين جديد يدعو إلى عبادة الله الواحد القهار قد ظهر , وأن أبا بكر الصديق عليه السلام كان تاجرا ثريا فى مكة ومشهور بين تجارها وقد أمن بهذا الدين الجديد وهو دين الإسلام يدعوا إليه محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم ^ .
وكان أبا بكر صديق لعبد الرحمن بن عوف قبل إسلامه ,فبدأ عبد الرحمن يفكر فى هذا الدين الجديد وظل يفكر ويفكر جيدا ثم ذهب إلى أبا بكر الصديق وسأله عن هذا الدين فعرض أبا بكر على عبد الرحمن بن عوف هذا الدين عرضا جميلا مما حبب عبد الرحمن بن عوف فى هذا الدين الجديد , فعرف عبد الرحمن بن عوف الصدق فى كلام أبا بكر الصديق , ثم أخذه أبا بكر إلى رسول الله-^ - وجلس بين يدى رسول الله- ^ - وسمع كلام الله من رسول الله -^ - فأسلم بين يدى رسول الله -^ - وكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام , وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبا بكر الصديق رضى الله عنه .
وقد آخى رسول الله ^ بينه وبين سعد بن الربيع فى المدينة.
فهو من المهاجرين الأولين. وجمع الهجرتين جميعاً إلى أرض الحبشة، ولم يَسلم عبد الرحمن بن عوف من أذى المشركين واضطهادهم للمسلمين مما اضطره إلى الهجرة إلى الحبشة فى الهجرة الأولى بعد أن أمرهم رسول الله ^ - بالهجرة إلى بلاد الحبشة حيث هناك ملك لا يظلم عنده أحد ,ثم عاد إلى مكة ثم هاجر إلى الحبشة فى الهجرة الثانية , ثم هاجر الهجرة الكبرى إلى المدينة بعد هجرة رسول الله- ^- إليها , ، وآخى رسول الله - ^- بينه وبين سعد بن الربيع.
فقد شهد عبد الرحمن بن عوف غزوة بدر ,وغزوة وأحد , وشهد الغزوات كلها مع رسول الله ^ , وقد أصيب فى غزوة أحد بجروح كثيرة ,وأيضا قد أصابه جرح كبير فى أحد رجليه مما قد ترك عرج برجله وظل مع حتى مات , كما سقطت بعض أسنانه فتركت فكان لا ينطق الكلام واضحا ( كان به هتم فى نطقه وحديثه ) وبعثه رسول الله ^ إلى دُومة الجندل إلى كلب وعمَّمه بيده، وأسدَلها بين كتفيه وقال له: « سِر باسم الله » , وأوصاه بوصاياه لأمراء سَراياهُ، ثم قال له: « إنْ فتح اللهُ عليك فتزوجْ بنتَ مليكِهم » أو قال «شريفهم » . وكان ملكهم هو الأصبع بن ثعلبة بن ضَمضَمَ الكلبيُّ شريفهم. فتزوَّج بنتَهُ تُماضر، فهي أمُّ ابنه أبي سلمى الفقيه, وكان عبد الرحمن أحد العشرة الذين شَهد لهم رسول الله ^ بالجنة، وأحد الستَّة الذين جعل عمر فيهم الشورى. وأخبر أن رسول الله ^ تُوفيَ وهو عنه وهو راضٍ. وصلى رسول الله ^ خلفه في غزوة تبوك. ورُوي عن النبى ^ أنه قال: « عبد الرحمن بن عوف من سادات المسلمين » , ورُوي عن النبى ^ أنه قال: « عبد الرحمن بن عوف أمينٌ في السماء أمين في الأرض» وعن ابن عُمر أن عبد الرحمن بن عوف قال لأصحاب الشورى: هل لكم أن أختار لكم وأنتقي منها؟ فقال علي رضي الله عنه: أنا أولُ من رضي، فإني سمعت رسول الله ^ يقول: « أنت أمين في السماء أمين في أهل الأرض » .
وقال الزبير بن بكار: كان عبد الرحمن بن عوف أمين رسول الله ^ على نسائه.
فعبد الرحمن بن عوف كما عرفنا أنه نشأ فى بيت ثراء وتجارة , وقد هاجر إلى المدينة ولم يكن معه غير قليل من المال فتاجر حتى كان معه المال الوفير الكثير , فقد قال له سعد بن الريع حينما هاجر إلى المدينة وآخا بينهما رسول الله ^ قال له سعد إن لى مال كثير خذ نصفه واترك لى نصفه , فشكره عبد الرحمن بن عوف , وقال له جزاك الله خيرا أنا لست محتاج إلى هذا المال بارك الله لك في أهلك ومالك , ولكن دلَّنى على السوق, وخرج إلى السوق اشترى وباع وربح, وكثر مال عبد الرحمن بن عوف فكان من أغنياء الجزيرة العربية كلها .
وأصبحت قوافله (جمال كثيرة يحمل عليها الطعام)تحضر الطعام والكساء , وذات مرة سمعت السيدة عائشة رضى الله عنها :صوتا رجت له المدينة قالت ما هذا : قالوا هذه قافلة لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام وكانت بها سبعمائة راحلة , فقالت السيدة عائشة رضى الله عنها , إنى سمعت رسول الله ^ يقول رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا ( ) فسمع البعض الصحابة هذا الكلام من السيدة عائشة , فأسرعوا يخبرون عبد الرحمن بن عوف بما سمعوا من السيدة عائشة , فذهب إليها عندما سمع هذا الكلام وسألها عنه فقالت له إن سمعته من رسول الله ^ , فقال عبد الرحمن بن عوف أُشهدك أنها بأحمالها وأحلاسها ( ) وفى رواية أخرى (أقتابها ) ( ) فى سبيل الله عز وجل .
وروى عنه رضى الله عنه أنه تصدق بمال كثير فى تجهيز جيش العسرة , ولرقة قلبه وشدة عطفه على الضعفاء ومشاركته الفقراء والإحساس بآلامهم , أولع بعتق الرقاب وتحرير العبيد ,وكان يشترى العبد ويعتقه(يقول له أنت حر) فى سبيل الله كما رأى أبا بكر يفعل ,وقد عرف عنه أنه فى يوم واحد أعتق ثلاثين عبداوهذا من أفعال الخير بالإنسانية والخدمات الإجتماعية التى رغب فيها الدين الإسلامى الحنيف ,وقد أعد الله للذين أعتقوا رقاب العبيد وجعلوهم أحرارا جنة عرضها السماء والأرض ,,وأيضا قد روى بن عباس رضى الله عنه : أن قافلة جاءت من الشام ومحملة بالتجارة لعبد الرحمن بن عوف فحملها إلى رسول الله ^ فأنفقها على المسلمين فنزل سيدنا جبريل عليه السلام وقال : لرسول الله صلى الله عليه و سلم « أقرىء عبد الرحم السلام وبشره بالجنة » .
ويذكر أن عبد الرحمن بن عوف قد باع فى يوم أرضا بأربعين ألف دينار ثم وزعها على فقراء المسلمين.
وأوصى عند موته لكل من بقى ممن شهدوا بدرا بأربعمائة ألف دينار .
وأيضا من سعة عطائه وجوده أنه كان يقول(أهل المدينة جميعا شركاء لا بن فى ماله ثلث يقرضهم , وثلث يقضى عنهم ديونه, وثلث يصِلهم ويعطيهم).
وقد كان نموذجا للكرم والسخاء لمن يريد أن يقتدى به من الأثرياء , وكان كذلك قدوة رائدة للتاجر الصادق السمح الأمين فى البيع والشراء , وآدار تجارته فى دقة مهارة يجد فيها كل تاجر مسلم القدوة الطيبة , والنموذج الإسلامي المشرف فى العمل والسعي والكد وبذل الجهد , فهو إذا لم يكن فى المسجد يصلى , فهو فى تجارته وبيعه وشرائه وربحه الحلال الذي لا ينعم به وحده , بل ينعم به أهله ورحمه وإخوانه ومجتمعه كله , فلم تكن تجارته احتكارا , ولا شغفا بالثراء , وإنما كانت عملا وسعيا واجبا نحو العمل المشرف حيث يكون .
ومن آثار زهده يذكر عن سعيد بن جُبير قال: أخبرنا أبو الهيَّاج قال: رأيتُ رجلاً يطوف بالبيت وهو يقول: اللهمَّ قني شحَّ نفسي, فسألتُ عنه فقيل: هذا عبد الرحمن بن عوف.
و لما حضرتْهُ الوفاةُ بكى بكاء شديداً. فسئل عن بكائه فقال: إن مصعب بن عمير كان خيراً مني؛ تُوفي على عهد رسول الله ^, فلم يجد له ما يكفَّن فيه, وإن حمزة بن عبد المطلب كان خيراً مني، لم نجد له كفناً, وإني أخشى أنْ أكون ممَّن عُجِّلتْ له طيباتُه في حياة الدنيا, وأخشى أن أُحبس عن أصحابي بكثرة مالي.
وفى موقف آخر يحكى عن عبد الرحمن بن عوف أنه كان لنا جليساً،(إنه كان يجلس مع الفقراء والمحتاجين ) فكان نعم الجليسُ، وإنه انقلب بنا ذات يوم، حتى إذا دخلنا بيته، ودخل فاغتسل ثم خرج. وأُتينا بصحفةٍ فيها خبز ولحم. فلما وضعت بكى عبد الرحمن، فقلت له: يا أبا محمد، ما يبكيك؟ فقال: هلك رسول الله ^ ولم يشبع هو وأهلهُ من خبز الشعير، فلا أرانا أُخِّرنا لما هو خير لنا.
عن أمِّ سلمة(أم المؤمنين رضى الله عنها)، قال: دخل عليها عبد الرحمن بن عوف فقال لها: يا أمَّه (أي يا أمي)قد خفت أن يُهلكني كثرة مالي؛ أنا أكثر قريش مالاً. قالت: يا بُنيَّ أنفق، فإني سمعت رسول الله ^ يقول: « إنَّ من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه», فخرج عبد الرحمن ولقيَ عمر بن الخطاب فأخبرهُ، فذهب عمر إلى أمِّ سلمة (أم المؤمنين رضى الله عنها) فدخل عليها فقال: بالله منهم أنا؟ فقالت: لا والله ، ولا أُبِّرئ أحداً بعدك.
ورغم كل هذا إنه لم يدخل فى نفسه ذرة كبر ,بل قيل عنه إنه لو رآه رحل غريب لا يعرفه وهو جالس مع خدمه , ما استطاع أن يميزه من بينهم .
وكان رضى الله عنه لا يحب أن الجاه أو السُطلة,وكان عمر رضى الله عنه قد اختاره من بين ستة أشخاص ليكون منهم الخليفة فتنازل هو عن أن يرشح للخلافة فرضوا أن يحكموه ويختار هو الخليفة , وقال له الإمام على كرم الله وجهه قال لقد سمعت رسول اله ^ يصفك بأنك آمين فى أهل السماء وأمين فى أهل الأرض».
ويذكر بعض المفسرين فى أسباب نزول قول الله عز و جل ، بإسم الله الرحمان الرحيم:﴿الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) أنها نزلت فى عبد الرحمن بن عوف .
وقد صلى الرسول ^ خلفه حين كان ابن عوف يصلى بالجنود إماما , وكان الرسول ^ يتوضأ , فصلى الركعة الأخيرة وراءه , وقال : «ما قبض نبى حتى يصلى خلف رجل صالح من أمته».
وكان رضى الله عنه : يفتى أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه عندما أصاب الطاعون بلاد الشام فقال لعمر عليه السلام عندى من ما يفيد فى هذا الأمر قد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول أنه إذا وقع بأرض بلاء فلا تقدموا عليه , وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منها , وأيضا هو الذى اختار عثمان بن عفان رضي الله عنه و أرضاه لخلافة سيدنا عمر عليهم السلام .
ولما ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الأغنياء يدخلون الجنة بشدة استأذنه عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه فى أن يخرج عن جميع ما يملكه فأذن له فنزل جبريل عليه السلام وقال امره بأن يطعم المسكين ويكسو العارى ويقرى الضيف.
وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم آخر الأنبياء دخولا الجنة سليمان بن داود عليهما السلام لمكان ملكه وآخر أصحابي دخولا الجنة عبد الرحمن بن عوف لمكان غناه.
كان عبد الرحمن بن عوف ممن يفتي في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر وعثمان عليهم السلام بما سمع من النبي صلى الله عليه و سلم.
كان سن عبد الرحمن بن عوف عند وفاته خمسة وسبعون عاما, وعند وفاته كان ذلك فى العام الحادى والثلاثين من الهجرة النبوية , وعندما جاء أجله أرادت السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : وهو على فراش الموت , أن يدفن بجوار رسول الله صلى الله عليه و سلم , وأبى بكر رضي الله عنهما.
ولكنه استحيا أن يرفع إلى هذا الشأن, ووفاء منه للعهد قال لها إنه كان على موعد مع الصحابي الجليل عبد الله بن مظعون رضي الله عنه ,أيهما مات بعد الآخر دفن مع صاحبه .
وبينما كانت روحه الشريفة تخرج ,كانت عينه تدمع , ولسانه يتمتم , ويقول إنى أخاف أن أحبس عن أصحابى لكثرة ما كان لى من مال .
ولكن نزلت عليه سكينة ربه , وغشيته رحمة ربه , ففاضت روحه الكريمة , ونفسه مطمئنة , وكان يسمع صدى صوت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يقول « عبد الرحمن بن عوف فى الجنة , ورفيقه بها عثمان بن مظعون عليهم السلام ».
رضى الله عنه وأرضاه , وعن جميع الصحابة والتابعين ومن تبعهم وعلى نهجهم مشى وعمل إلى يوم الدين.
وسبحان الله و سلام على المرسلين و الحمد لله و الشكر لله الرحمان الرحيم .
عدل سابقا من قبل Admin في الجمعة مارس 13, 2015 10:39 am عدل 1 مرات