بإسم الله الرحمان الرحم السلام السلام عليكم أيها النبي و رحمة الله و بركته
1ـ قال إمامنا عبد العلي ابن موسى الرضا عليه السلام و رحمة الله و بركته :
لا يكون المؤمن مؤمنا حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنة من الله ، وسنة من رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وسنة من إمام زمانهم عليه السلام :
فأما السنة من ربه : فكتمان السر .
وأما السنة من نبيه صلى الله عليه وسلم : فمداراة الناس .
وأما السنة من الإمام عليه السلام : فالصبر في البأساء والضراء .
أقول : إن الله هو الحليم الستار والعفو الغفور وله الأسماء الحسنى وسبقت رحمته غضبه ، وأما نبينا فقد قال الله في حقه : إنك لعلى خلق عظيم ، وأما مناط جعل الأئمة أئمة فهو كما عرفت قوله عز و جل : جعلناهم أئمة يهدون الناس إلى الحق لما صبروا ، ويشهد لهم التاريخ وسيرتهم عليهم السلام ، وعلى أولياءهم أن يتحلوا بخلقهم ويظهروا تعاليمهم كلها ،
2ـ وقال عليه السلام : صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله .
3ـ وقال عليه السلام : ليس العبادة كثرة الصيام والصلاة وإنما العبادة كثرة التفكر في أمر الله .
4ـ وقال عليه السلام : من أخلاق الأنبياء التنظيف .
5ـ وقال عليه السلام : ثلاث من سنن المرسلين :
العطر ، وإخفاء الشعر أي لبس العمائم لستر شعرهم ،
6ـ وقال عليه السلام : لم يخنك الأمين ، ولكنك ائتمنت الخائن .
7ـ وقال عليه السلام : إذا أراد الله أمرا سلب العباد عقولهم ، فأنفذ أمره وتمت إرادته . فإذا أنفذ أمره ، رد إلى كل ذي عقل عقله فيقول : كيف ذا ومن أين ذا .
8ـ وقال عليه السلام : ما من شيء من الفضول ، إلا وهو يحتاج إلى الفضول من الكلام .
9ـ وقال عليه السلام : الأخ الأكبر بمنزلة الأب .
10ـ وسئل عليه السلام عن السفلة ؟
فقال عليه السلام : من كان له شيء يلهيه عن الله . أو يلهيه عن صلاة الجمعة .
11ـ وكان عليه السلام : يترب الكتاب ، ويقول : لا بأس به .
وكان إذا أراد أن يكتب تذكرات حوائجه كتب : بإسم الله الرحمان الرحم ، أذكر إن شاء الله ، ثم يكتب ما يريد.
12ـ وقال عليه السلام : إذا ذكرت الرجل : وهو حاضر فكنّه .
وإذا كان غائبا فبإسمه .
13ـ وقال عليه السلام : صديق كل امرؤ عقله ، وعدوه جهله .
14ـ وقال عليه السلام : التودد إلى الناس نصف العقل .
15ـ وقال عليه السلام : لا يتم عقل امرؤ مسلم حتى تكون فيه عشر خصال : الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون .
يستكثر قليل الخير من غيره ، ويستقل كثير الخير من نفسه .
لا يسأم من طلب الحوائج إليه ، ولا يمل من طلب العلم طول دهره .
الفقر في الله أحب إليه من الغنى ، والذل في الله أحب إليه من العز في عدوه . والستر أشهى إليه من الشهرة .
ثم قال عليه السلام : العاشرة وما العاشرة ، قيل له : ما هي ؟
قال عليه السلام : لا يرى أحدا إلا قال : هو خير مني وأتقى .
إنما الناس رجلان : رجل خير منه وأتقى ، ورجل شر منه وأدنى .
فإذا لقي الذي شر منه وأدنى قال : لعل خير هذا باطن وهو خير له ، وخيري ظاهر وهو شر لي .
وإذا رأى الذي هو خير منه وأتقى : تواضع له ليلحق به ، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده ، وطاب خيره ، و حسن ذكره ، وساد أهل زمانه .
16ـ وسأله رجل عن قول الله : " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " ؟ الطلاق : 3 . فقال عليه السلام : للتوكل درجات :
منها : أن تثق به في أمرك كله فيما فعل بك ، فما فعل بك كنت راضيا .
وتعلم أنه لم يألك خيرا ونظرا ، وتعلم أن الحكم في ذلك له ، فتتوكل عليه بتفويض ذلك إليه .
ومن ذلك : الإيمان بغيب الله التي لم يحط علمك به ، فوكلت علمها إليه وإلى أمنائه عليها ، ووثقت به فيها وفي غيرها .
17ـ وسأله أحمد ابن نجم عن العجب الذي يفسد العمل ؟
فقال عليه السلام : للعجب درجات : منها : أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه ، ويحسب أنه يحسن صنعا .
ومنها : أن يؤمن العبد بالله فيمن على الله ، ولله المنّة عليه فيه .
18ـ قال الفضل قالوا لأبي الحسن الرضا عليه السلام :
يونس ابن عبد الرحمان يزعم أن المعرفة إنما هي اكتساب .
قال عليه السلام : لا ما أصاب ، إن الله يعطي الإيمان من يشاء فمنهم من يجعله مستقرا فيه ومنهم من يجعله مستودعا عنده ، فأما المستقر : فالذي لا يسلبه الله ذلك أبدا ، وأما المستودع : فالذي يعطاه الرجل ثم يسلبه إياه .
19ـ وقال صفوان ابن يحيى : سألت الرضا عليه السلام عن المعرفة هل للعباد فيها صنع ؟ قال عليه السلام : لا .
قالوا : لهم فيها أجر ؟ قال عليه السلام : نعم تطول عليهم بالمعرفة ، وتطول ـ امتن ـ عليهم بالصواب .
20ـ وقال الفضيل بن يسار سألت الرضا عليه السلام عن أفاعيل العباد مخلوقة هي أم غير مخلوقة ؟
قال عليه السلام : هي والله مخلوقة - أراد خلق تقدير لا خلق تكوين - .
ثم قال عليه السلام : إن الإيمان : أفضل من الإسلام بدرجة ، والتقوى : أفضل من الإيمان بدرجة ، واليقين : أفضل من الإيمان بدرجة ، ولم يعط بنو آدم أفضل من اليقين . ـ اللهم أرزقنا اليقين ـ.
21ـ وسئل عن خيار العباد ؟ فقال عليه السلام :
الذين إذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أساءوا استغفروا .
وإذا أعطوا شكروا ، وإذا ابتلوا صبروا ، وإذا غضبوا عفوا .
ـ اللهم أجعلنا منهم ـ.
22ـ وسئل عليه السلام عن حد التوكل ؟
فقال عليه السلام : أن لا تخاف أحدا إلا الله.
23ـ وقال عليه السلام : من السنة إطعام الطعام عند الزواج .
24ـ وقال عليه السلام : الإيمان أربعة أركان :
التوكل : على الله ، والرضا : بقضاء الله ، والتسليم : لأمر الله ، والتفويض : إلى الله ، وقال العبد الصالح ـ مؤمن آل فرعون ـ : " وأفوض أمري إلى الله فوقاه الله سيئات ما مكروا " غافر : 44.
25ـ وقال عليه السلام : صل رحمك ولو بشربة من ماء ، وأفضل ما توصل به الرحم كف الأذى عنها ، وقال : في كتاب الله : ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ، البقرة : 266 .
26ـ وقال عليه السلام : إن من علامات الفقه : الحلم والعلم .
والصمت باب من أبواب الحكمة . إن الصمت يكسب المحبة ، إنه دليل على كل خير (حق ) .
27ـ وقال عليه السلام : إن الذي يطلب من فضل يكف به عياله
أعظم أجرا من المجاهد في سبيل الله .
28ـ وقيل له : كيف أصبحت ؟
فقال عليه السلام : أصبحت بأجل منقوص ، وعمل محفوظ ، والموت في رقابنا ، والنار من ورائنا ، ولا تدري ما يفعل بنا .
29ـ وقال عليه السلام : خمس من لم تكن فيه فلا ترجوه لشيء من الدنيا والآخرة : من لم تعرف الوثاقة في أرومته ـ أصله ـ ، والكرم في طباعه ، والرصانة في خلقه ، والنبل في نفسه ، والمخافة لربه .
30ـ وقال عليه السلام : ما التقت فئتان قط إلا نصر أعظمهما عفوا .
31ـ وقال عليه السلام : السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه ، والبخيل لا يأكل من طعام الناس لكي لا يأكلوا من طعامه .
32ـ وقال عليه السلام : إنا أهل بيت نرى وعدنا علينا دينا ، كما صنع رسول الله صلى الله عليه و على أهله و أصحابه و سلم .
33ـ وقال عليه السلام : يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء : تسعة منها في اعتزال الناس ، وواحد في الصمت .
34ـ وقال له معمر ابن خلاد : عجل الله فرجك .
فقال عليه السلام : يا معمر ذاك فرجكم أنتم ، فأما أنا فوالله ما هو إلا مزود فيه كف سويق مختوم بخاتم .
35ـ وقال عليه السلام : عونك للضعيف أفضل من الصدقة .
36ـ وقال عليه السلام : لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى تكون فيه خصال ثلاث : التفقه في الدين . وحسن التقدير في المعيشة . والصبر على الرزايا.
37ـ وقال عليه السلام لأبي هاشم داود ابن القاسم الجعفري : يا داود إن لنا عليكم حقا برسول الله صلى الله عليه و سلم ، وإن لكم علينا حقا .
فمن عرف حقنا وجب حقه ، ومن لم يعرف حقنا فلا حق له .
38ـ وحضر عليه السلام : يوما مجلس المأمون وذو الرآستين حاضر ، فتذاكروا الليل والنهار وأيهما خلق قبل صاحبه . فسأل ذو الرآستين الرضا عليه السلام عن ذلك ؟
فقال عليه السلام له : تحب أن أعطيك الجواب من كتاب الله أم حسابك ؟ فقال : أريده أولا من الحساب ، فقال عليه السلام : أليس تقولون : إن طالع الدنيا السرطان ، وإن الكواكب كانت في أشرافها ؟ قال : نعم .
قال عليه السلام : فزحل في الميزان ، والمشتري في السرطان ، والمريخ في الجدي ، والزهرة في الحوت ، والقمر في الثور ، والشمس في وسط السماء في الحمل ، وهذا لا يكون إلا نهارا .
قال : نعم . قال : فمن كتاب الله ؟
قال عليه السلام : قوله : لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار ، أي أن النهار سبقه . يس : 40 . .
39ـ قال عبد العلي ابن شعيب دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فقال لي : يا عبد العلي ابن حسن : من أحسن الناس معاشا ؟ قالوا : يا سيدي أنت أعلم به مني . فقال عليه السلام : يا عبد العلي ابن حسن : معاش غيره في معاشه .
يا عبد العلي : من أسوء الناس معاشا ؟ قالوا : أنت أعلم . قال : من لم يعش غيره في معاشه .
يا عبد العلي : أحسنوا جوار النعم ، فإنها ما نأت ـ بعدت ـ عن قوم فعادت إليهم .
يا عبد العلي : إن شر الناس من منع رفده ، وأكل وحده ، وجلد عبده .
40ـ وقال له عليه السلام رجل في يوم الفطر : إني أفطرت اليوم على تمر و لبن . فقال عليه السلام : جمعت السنة والبركة .
41ـ وقال عليه السلام لأبي هاشم الجعفري : يا أبا هاشم العقل : حباء من الله ، والأدب كلفة ، فمن تكلف الأدب قدر عليه ، ومن تكلف العقل لم يزدد بذلك إلا جهلا .
42ـ وقال أحمد ابن عمر والحسين ابن زيد : دخلنا على الرضا عليه السلام فقلنا : إنا كنا في سعة من الرزق وغضارة من العيش ، فتغيرت الحال بعض التغير فادع الله أن يرد ذلك إلينا ؟
فقال عليه السلام : أي شيء تريدون أن تكونوا؟
أيسركم أن تكونوا على خلاف ما أنتم عليه؟
فقالوا : لا والله ما سرني أن لي الدنيا بما فيها ذهبا وفضة وإني على خلاف ما أنا عليه .
فقال عليه السلام : أحسن الظن بالله ، فإن من حسن ظنه بالله كان الله عند ظنه ، ومن رضي بالقليل من الرزق قبل منه اليسير من العمل ، ومن رضي باليسير من الحلال : خفت مئونته ، ونعم أهله ، وبصره الله داء الدنيا ودواءها ، وأخرجه منها سالما إلى دار السلام .
43ـ وقال له ابن السكيت : ما الحجة على الخلق اليوم ؟
فقال عليه السلام : العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه ، والكاذب على الله فيكذبه . فقال ابن السكيت : هذا والله هو الجواب .
44ـ وقال عليه السلام : لا يقبل الرجل يد الرجل فإن قبل يده فكأنما صلى عليه .
وفي الكافي[7] قال : لا يقبل رأس أحد ولا يده إلا يد رسول الله أو من أريد به رسول الله صلى الله عليه و سلم .
45ـ وقال عليه السلام : قبلة الأم على اليد و الرأس .
46ـ وقال عليه السلام : ليس لبخيل راحة ، ولا لحاسد لذة ، ولا لطاغية وفاء ، ولا لكذاب مروءة .
47ـ سئل الرضا عليه السلام عن طعم الخبز والماء .
فقال عليه السلام : طعم الماء طعم الحياة ، وطعم الخبز طعم العيش .
48ـ عن العباس ابن المأمون ، عن أبيه قال :
قال لي عبد العلي ابن موسى الرضا عليهم السلام ثلاثة موكل بها ثلاثة :
تحامل الأيام على ذوي الأدوات الكاملة ، واستيلاء الحرمان على المتقدم في صنعته ، ومعاداة العوام على أهل المعرفة .
49ـ عن محمد ابن عبيدة قال : دخلت على الرضا عليه السلام فبعث إلى صالح ابن سعيد فحضرنا جميعا فوعظنا ثم قال :
إن العابد من بني إسرائيل لم يكن عابدا حتى يصمت عشر سنين ، فإذا صمت عشر سنين كان عابدا . ثم قال : قال أبو جعفر عليه السلام :
كن خيرا لا شر معه ، كن ورقا لا شوك معه .
ولا تكن شوكا لا ورق معه ، وشرا لا خير معه .
ثم قال إن الله : يبغض القيل والقال ،وإضاعة المال ، وكثرة السؤال.
ثم قال : إن بني إسرائيل شددوا فشدد الله عليهم ، قال لهم موسى عليه السلام : اذبحوا بقرة ، قالوا : ما لونها ، فلم يزالوا شددوا حتى ذبحوا بقرة يملا جلدها ذهبا ـ لغلائها ـ.
ثم قال إن بوعزامة عبد العلي ابن أبي طالب عليهم السلام و رحمة الله و بركته قال : إن الحكماء ضيعوا الحكمة لما وضعوها عند غير أهلها .
عن فقه الرضا عليه السلام باب حق النفوس من باب الديات .
50ـ قال عليه السلام : سلوا ربكم العافية في الدنيا والآخرة ، وقال : العافية المُلك الخفي ، إذا حضرت لم يؤبه لها ، وإن غابت عرف فضلها .
51ـ وقال عليه السلام : اجتهدوا أن يكون زمانكم أربع ساعات :
ساعة : لله لمناجاته ، وساعة : لأمر المعاش ، وساعة : لمعاشرة الأخوان الثقاة والذين يعرفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن . وساعة : تخلون فيها للذاتكم ، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث الساعات : لا تحدثوا أنفسكم بالفقر ، ولا بطول العمر ، فإنه من حدث نفسه بالفقر بخل ، ومن حدثها بطول العمر حرص ، اجعلوا لأنفسكم حظا من الدنيا بإعطائها ما تشتهي من الحلال ، وما لم يثلم المروءة ولا سرف فيه ، واستعينوا بذلك على أمور الدنيا ، فإنه نروي :" ليس منا من ترك دنياه لدينه ، ودينه لدنياه " .
52ـ وقال عليه السلام : وتفقهوا في دين الله ، فإنه روي :
من لم يتفقه في دينه ما يخطئ أكثر مما يصيب .
فإن الفقه : مفتاح البصيرة ، وتمام العبادة ، والسبب إلى المنازل الرفيعة ، وحاز المرء المرتبة الجليلة في الدين والدنيا .
فضل الفقيه على العباد كفضل الشمس على الكواكب .
ومن لم يتفقه في دينه لم يزك الله له عملا .
53ـ وقال عليه السلام : لو وجدت شابا من شبابنا لم يتفقه في الدين لضربته ضربة بالسيف ، وروي غيري عشرون سوطا ، وأنه قال : تفقهوا وإلا أنتم جهال .
54ـ وروي أنه قال عليه السلام :
منزلة الفقيه : في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل .
55ـ وقال عليه السلام : روي : أن الفقيه ، يستغفر له ملائكة السماء ، وأهل الأرض ، والوحش والطير ، وحيتان البحر .
56ـ وقال عليه السلام : وعليكم بالقصد في الغنى والفقر ، والبر من القليل والكثير ، فإن الله تبارك وتعالى يعظم شقة التمرة حتى يأتي يوم القيامة كجبل أحد .
57ـ وقال عليه السلام : إياكم والحرص والحسد ، فإنهما : أهلكا الأمم السالفة ، وإياكم والبخل : فإنها عاهة لا تكون في حر ولا مؤمن ، إنها خلاف الإيمان .
58ـ وقال عليه السلام : عليكم بالتقوى ، فإنه روي : من لا تقوى له لا دين له ، وروي : تارك التقوى كافر ، وروي : اتق حيث لا يتقى ، التقوى دين منذ أول الدهر إلى آخره ،
59ـ وقال عليه السلام : تزاوروا تحابوا وتصافحوا ، ولا تحاشموا ، فإنه روي : المحتشِم والمحتشَم ـ المتغاضبان ـ في النار .
60ـ وقال عليه السلام : لا تأكلوا الناس بآل محمد ، فإن التأكل بهم كفر .
61ـ وقال عليه السلام : لا تستقلوا قليل الرزق فتحرموا كثيره .
62ـ وقال عليه السلام : عليكم في أموركم بالكتمان في أمور الدين والدنيا ، فإنه روي " أن الإذاعة كفر " وروي " المذيع والقاتل شريكان " وروي " ما تكتمه من عدوك فلا يقف عليه " .
63ـ وقال عليه السلام : لا تغضبوا من الحق إذا صدعتم به ، ولا تغرنكم الدنيا ، فإنها لا تصلح لكم كما لا تصلح لمن كان قبلكم ممن اطمأن إليها .
64ـ وقال عليه السلام :
إن الدنيا : سجن المؤمن ، والقبر : بيته ، والجنة : مأواه .
و الدنيا : جنة الكافر ، والقبر : سجنه ، والنار : مأواه ".
65ـ وقال عليه السلام : عليكم بالصدق ، وإياكم والكذب ، فإنه لا يصلح إلا لأهله .
66ـ وقال عليه السلام : أكثروا من ذكر الموت فإنه روي :
أن ذكر الموت أفضل العبادة .
67ـ وقال عليه السلام : وأكثروا من الصلاة على سيدنا محمد وعلى أهله و أصحابه عليهم السلام والدعاء للمؤمنين والمؤمنات في آناء الليل والنهار ، فإن الصلاة على سيدنا محمد و على أهله و أصحابه أفضل أعمال البر ، واحرصوا على قضاء حوائج المؤمنين و المؤمنات وإدخال السرور عليهم ودفع المكروه عنهم ، فإنه ليس شيء من الأعمال عند الله عز وجل أفضل من إدخال السرور على المؤمن .
68ـ وقال عليه السلام : لا تدعوا العمل الصالح والاجتهاد في العبادة اتكالا على حب سيدنا محمد و على أهله و أصحابه عليهم السلام و رحمة الله و بركته ، لا تدعوا حب سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و أهله و أصحابه عليهم السلام و رحمة الله و بركته والتسليم لأمرهم اتكالا على العبادة ،فإنه لا يقبل أحدهما دون الآخر .
69ـ وقال عليه السلام : واعلموا أن رأس طاعة الله الرحمان الرحم ، التسليم لما عقلناه وما لم نعقله ، فان رأس المعاصي الرد عليهم ، وإنما امتحن الله عز وجل الناس بطاعته لما عقلوه وما لم يعقلوه ، إيجابا للحجة وقطعا للشبهة .
70ـ وقال عليه السلام : واتقوا الله وقولوا قولا سديدا : نصلح لكم أعمالكم وندخلكم جنات تجري تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ، ولا يفوتنكم خير الدنيا فإن الآخرة لا تلحق ولا تنال إلا بالدنيا .
وعن فقه الرضا عليه السلام أواخر باب مكارم الأخلاق .
71ـ قال عليه السلام : انظر إلى من هو دونك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك ، فإن ذلك أقنع لك وأحرى أن تستوجب الزيادة .
واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين والبصيرة ، أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين .
واعلم : أنه لا ورع : أنفع من تجنب محارم الله ، والكف عن أذى المؤمن ، ولا عيش : أهنأ من حُسن الخلق ، ولا مال : أنفع من القنوع ، ولا جهل : أضر من العجب ، ولا تخاصم العلماء : ولا تلاعبهم ولا تحاربهم ولا تواضعهم ـ تتركهم ـ .
72ـ وقال عليه السلام : من احتمل الجفاء لم يشكر النعمة .
73ـ وقال عليه السلام : رحم الله عبدا حببنا إلى الناس ولم يبغضنا إليهم ، وأيم الله لو يرون محاسن كلامنا لكانوا أعز ولما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشيء .
74ـ وقال عليه السلام : عليكم : بتقوى الله ، والورع ، والاجتهاد ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وحسن الجوار ، فبهذا جاء بوعزامة محمد صلى الله عليه وعلى أهله و أصحابه و سلم .
صلّوا : في عشائركم ، وصلوا : أرحامكم ، وعودوا : مرضاكم ، واحضروا : جنائزكم .
كونوا : زينا لنا ولا تكونوا شينا لنا ، حببونا : إلى الناس ولا تبغضونا إليهم ، جروا إلينا : كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح ، وما قيل فينا من خير فنحن أهله ، وما قيل فينا من شر فما نحن كذلك ، و الحمد لله و الشكر لله الرحمان الرحم رب العرش العظيم .
75ـ وقال عليه السلام : أن رجلا قال للصادق عليه السلام و رحمة الله و بركته : يا ابن رسول الله صلى الله عليه و على أهله و أصحابه و سلم فيم المروءة .
فقال عليه السلام : أن لا يراك الله حيث نهاك ، ولا يفقدك حيث أمرك .
وفي كتاب كشف الغمة قال الآبي في نثر الدرر :
76ـ سئل الرضا عليه السلام عن صفة الزاهد .
فقال عليه السلام : متبلغ بدون قوته ، مستعد ليوم موته ، متبرم بحياته .
77ـ وسئل عليه السلام عن القناعة ؟
فقال عليه السلام : القناعة : تجتمع إلى صيانة النفس ، وعز القدر .
وطرح مؤن الاستكثار ، والتعبد لأهل الدنيا .
ولا يسلك طريق القناعة إلا رجلان : إما متعلل ـ متعبد ـ يريد أجر الآخرة ، أو كريم متنزه عن لئام الناس .
78ـ وامتنع عنده رجل من غسل اليد قبل الطعام ، فقال عليه السلام : اغسلها : والغسلة الأولى لنا ، وأما الثانية فلك فإن شئت فاتركها.
79ـ قال عليه السلام : في قول الله عز و جل : " فاصفح الصفح الجميل "غافر : 84 قال : عفو بغير عتاب .
80ـ قال عليه السلام : في قوله " خوفا وطمعا " الرعد : 13 قال : خوفا للمسافر ، وطمعا للمقيم [14] .
81ـ وقال عليه السلام : الأجل آفة الأمل ، والعرف ذخيرة الأبد ، والبر غنيمة الحازم ، والتفريط مصيبة ذوي القدرة ، والبخل يمزق العرض ، والحب داعي المكاره ، وأجل الخلائق وأكرمها :
اصطناع المعروف ، وإغاثة الملهوف ، وتحقيق أمل الأمل ، وتصديق مخيلة الراجي ، والاستكثار من الأصدقاء في الحياة يكثر الباكين بعد الوفاة .
وفي تذكرة ابن حمدون قال عليه السلام:
82ـ وقال عليه السلام : لا يعدم المرء دائرة السوء مع نكث الصفقة ، ولا يعدم تعجيل العقوبة مع ازدراء البغي .
83ـ وقال عليه السلام : الناس ظربان :
بالغ لا يكتفي ، وطالب لا يجد .
وذكر في كتاب الدرة الباهرة :
84ـ قال الرضا عليه السلام : من شبه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر .
85ـ وقال عليه السلام : من طلب الأمر من وجهه لم يَزل ، فإن زلَ لم تخذ له الحيلة .
86ـ وقال عليه السلام : الأنس يذهب المهابة ، والمسألة ـ المسكنة ـ مفتاح في البؤس .
87ـ وأراد المأمون قتل رجل فقال له: ما تقول يا أبا الحسن ؟
فقال عليه السلام : إن الله لا يزيد بحسن العفو إلا عزا ، فعفا عنه .
88ـ وقال عليه السلام : اصحب السلطان بالحذر ، والصديق بالتواضع ، والعدو بالتحرز ، والعامة بالبشر .
89ـ وقال عليه السلام : المشيئة الاهتمام بالشيء ، والإرادة إتمام ذلك الشيء .
90ـ عن أيوب ابن نوح قال : قال الرضا عليه السلام :
سبعة أشياء بغير سبعة أشياء من الاستهزاء :
من استغفر بلسانه ولم يندم بقلبه فقد استهزأ بنفسه .
ومن سأل الله التوفيق ولم يجتهد فقد استهزأ بنفسه .
و من أستحزم ولم يحذر فقد استهزأ بنفسه .
ومن سأل الله الجنة ولم يصبر على الشدائد فقد استهزأ بنفسه .
ومن تعوذ بالله من النار ولم يترك شهوات الدنيا فقد استهزأ بنفسه .
و من ذكر الموت و لم يستعد له فقد استهزأ بنفسه .
ومن ذكر الله ولم يستبق إلى لقائه فقد استهزأ بنفسه .
91ـ وقال عليه السلام : الاسترسال بالأنس يذهب المهابة .
92ـ وقال عليه السلام : من صدق الناس كرهوه .
93ـ وقال عليه السلام للحسن ابن سهل : وقد عزاه بموت ولده : التهنئة بآجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة .
94ـ وقال عليه السلام : إن للقلوب : إقبالا وإدبارا ، ونشاطا وفتورا ، فإذا أقبلت بصرت وفهمت ، وإذا أدبرت كلت وملت ، فخذوها عند إقبالها ونشاطها ، واتركوها عند أدبارها وفتورها .
95ـ وقال عليه السلام : من كثرت محاسنه مدح بها ،
96ـ وقال عليه السلام : من لم تتابع رأيك في صلاحه ، فلا تصغ إلى رأيه ،
97ـ وقال عليه السلام : طوبى لمن شغل قلبه بشكر النعمة .
98ـوقال عليه السلام:لا يختلط بالسلطان في أول اضطراب الأمور.
99ـ وقال عليه السلام : كفاك من يريد نصحك بالنميمة ما يجد من سوء الحساب في العاقبة .
100ـ وقال عليه السلام : لا خير في المعروف إذا رخص .
102ـ وقد قال له رجل : إن الله فوض إلى العباد أفعالهم ؟
فقال عليه السلام : هم أضعف من ذلك وأقل .
قال : فجبرهم ؟
قال عليه السلام : هو أعدل من ذلك وأجل .
قال : فكيف تقول ؟
قال عليه السلام : نقول : إن الله أمرهم ونهاهم وأقدرهم على ما أمرهم به و نهاهم عنه .
103ـ سأله عليه السلام الفضل ابن الحسن ابن سهل : الخلق مجبورون ؟
قال عليه السلام : الله أعدل من أن يجبر ويعذب .
قال : فمطلقون ؟
قال عليه السلام : الله أحكم أن يهمل عبده ويكله إلى نفسه .
من كتاب الدر :
104ـ وقال عليه السلام : اتقوا الله أيها الناس في نعم الله عليكم ، فلا تنفروها عنكم بمعصيته ، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه .
واعلموا أنكم لا تشكرون الله بشيء : بعد الإيمان بالله ورسوله وبعد الاعتراف بحق أولياء الله من ذرية سيدنا محمد عليهم السلام و رحمة الله و بركته ، أحب إليكم من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم إلى جنات ربهم ، فإن من فعل ذلك كان من خاصة الله .
105ـ وقال عليه السلام : من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر ، ومن خاف أمن ، ومن اعتبر أبصر ، ومن أبصر فهم ، ومن فهم عقل .
106ـ وقال عليه السلام : صديق الجاهل في تعب ، وأفضل المال ما وقي به العرض ، وأفضل العقل معرفة االله و معرفة رسول الله و معرفة إمام زمنكم ، والمؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل ، وإذا قدر لم يأخذ أكثر من حقه .
107ـ وقال عليه السلام : الكفار هم الغوغاء قتلة الأنبياء ما رضي الله عنهم أبدا حتى قال فيهم : بل هم أضل سبيلا .
108ـ وقال عليه السلام : التواضع درجات : منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم ، لا يحب أن يأتي إلى أحد إلا مثل ما يؤتى إليه ، إن أتى إليه سيئة واراها بالحسنة ، كاظم الغيظ ، عاف عن الناس ، والله يحب المحسنين .
109ـ عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام و رحمة الله و بركته أنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و على أهله و أصحابه و سلم : أول من يدخل النار أمير متسلط لم يعدل ، وذو ثروة من المال لم يعط المال حقه ، وفقير فخور .
110 - في عيون أخبار الرضا بالأسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه و على أهله و أصحابه و سلم :
مثل المؤمن : عند الله عز وجل ، كمثل ملك مقرب .
وإن المؤمن : عند الله عز وجل أعظم من ذلك .
وليس شيء أحب إلى الله من مؤمن تائب، أو مؤمنة تائبة [23].
و سبحان الله و سلام على المرسلين و الحمد لله و الشكر لله الرحمان الرحم
1ـ قال إمامنا عبد العلي ابن موسى الرضا عليه السلام و رحمة الله و بركته :
لا يكون المؤمن مؤمنا حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنة من الله ، وسنة من رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وسنة من إمام زمانهم عليه السلام :
فأما السنة من ربه : فكتمان السر .
وأما السنة من نبيه صلى الله عليه وسلم : فمداراة الناس .
وأما السنة من الإمام عليه السلام : فالصبر في البأساء والضراء .
أقول : إن الله هو الحليم الستار والعفو الغفور وله الأسماء الحسنى وسبقت رحمته غضبه ، وأما نبينا فقد قال الله في حقه : إنك لعلى خلق عظيم ، وأما مناط جعل الأئمة أئمة فهو كما عرفت قوله عز و جل : جعلناهم أئمة يهدون الناس إلى الحق لما صبروا ، ويشهد لهم التاريخ وسيرتهم عليهم السلام ، وعلى أولياءهم أن يتحلوا بخلقهم ويظهروا تعاليمهم كلها ،
2ـ وقال عليه السلام : صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله .
3ـ وقال عليه السلام : ليس العبادة كثرة الصيام والصلاة وإنما العبادة كثرة التفكر في أمر الله .
4ـ وقال عليه السلام : من أخلاق الأنبياء التنظيف .
5ـ وقال عليه السلام : ثلاث من سنن المرسلين :
العطر ، وإخفاء الشعر أي لبس العمائم لستر شعرهم ،
6ـ وقال عليه السلام : لم يخنك الأمين ، ولكنك ائتمنت الخائن .
7ـ وقال عليه السلام : إذا أراد الله أمرا سلب العباد عقولهم ، فأنفذ أمره وتمت إرادته . فإذا أنفذ أمره ، رد إلى كل ذي عقل عقله فيقول : كيف ذا ومن أين ذا .
8ـ وقال عليه السلام : ما من شيء من الفضول ، إلا وهو يحتاج إلى الفضول من الكلام .
9ـ وقال عليه السلام : الأخ الأكبر بمنزلة الأب .
10ـ وسئل عليه السلام عن السفلة ؟
فقال عليه السلام : من كان له شيء يلهيه عن الله . أو يلهيه عن صلاة الجمعة .
11ـ وكان عليه السلام : يترب الكتاب ، ويقول : لا بأس به .
وكان إذا أراد أن يكتب تذكرات حوائجه كتب : بإسم الله الرحمان الرحم ، أذكر إن شاء الله ، ثم يكتب ما يريد.
12ـ وقال عليه السلام : إذا ذكرت الرجل : وهو حاضر فكنّه .
وإذا كان غائبا فبإسمه .
13ـ وقال عليه السلام : صديق كل امرؤ عقله ، وعدوه جهله .
14ـ وقال عليه السلام : التودد إلى الناس نصف العقل .
15ـ وقال عليه السلام : لا يتم عقل امرؤ مسلم حتى تكون فيه عشر خصال : الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون .
يستكثر قليل الخير من غيره ، ويستقل كثير الخير من نفسه .
لا يسأم من طلب الحوائج إليه ، ولا يمل من طلب العلم طول دهره .
الفقر في الله أحب إليه من الغنى ، والذل في الله أحب إليه من العز في عدوه . والستر أشهى إليه من الشهرة .
ثم قال عليه السلام : العاشرة وما العاشرة ، قيل له : ما هي ؟
قال عليه السلام : لا يرى أحدا إلا قال : هو خير مني وأتقى .
إنما الناس رجلان : رجل خير منه وأتقى ، ورجل شر منه وأدنى .
فإذا لقي الذي شر منه وأدنى قال : لعل خير هذا باطن وهو خير له ، وخيري ظاهر وهو شر لي .
وإذا رأى الذي هو خير منه وأتقى : تواضع له ليلحق به ، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده ، وطاب خيره ، و حسن ذكره ، وساد أهل زمانه .
16ـ وسأله رجل عن قول الله : " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " ؟ الطلاق : 3 . فقال عليه السلام : للتوكل درجات :
منها : أن تثق به في أمرك كله فيما فعل بك ، فما فعل بك كنت راضيا .
وتعلم أنه لم يألك خيرا ونظرا ، وتعلم أن الحكم في ذلك له ، فتتوكل عليه بتفويض ذلك إليه .
ومن ذلك : الإيمان بغيب الله التي لم يحط علمك به ، فوكلت علمها إليه وإلى أمنائه عليها ، ووثقت به فيها وفي غيرها .
17ـ وسأله أحمد ابن نجم عن العجب الذي يفسد العمل ؟
فقال عليه السلام : للعجب درجات : منها : أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه ، ويحسب أنه يحسن صنعا .
ومنها : أن يؤمن العبد بالله فيمن على الله ، ولله المنّة عليه فيه .
18ـ قال الفضل قالوا لأبي الحسن الرضا عليه السلام :
يونس ابن عبد الرحمان يزعم أن المعرفة إنما هي اكتساب .
قال عليه السلام : لا ما أصاب ، إن الله يعطي الإيمان من يشاء فمنهم من يجعله مستقرا فيه ومنهم من يجعله مستودعا عنده ، فأما المستقر : فالذي لا يسلبه الله ذلك أبدا ، وأما المستودع : فالذي يعطاه الرجل ثم يسلبه إياه .
19ـ وقال صفوان ابن يحيى : سألت الرضا عليه السلام عن المعرفة هل للعباد فيها صنع ؟ قال عليه السلام : لا .
قالوا : لهم فيها أجر ؟ قال عليه السلام : نعم تطول عليهم بالمعرفة ، وتطول ـ امتن ـ عليهم بالصواب .
20ـ وقال الفضيل بن يسار سألت الرضا عليه السلام عن أفاعيل العباد مخلوقة هي أم غير مخلوقة ؟
قال عليه السلام : هي والله مخلوقة - أراد خلق تقدير لا خلق تكوين - .
ثم قال عليه السلام : إن الإيمان : أفضل من الإسلام بدرجة ، والتقوى : أفضل من الإيمان بدرجة ، واليقين : أفضل من الإيمان بدرجة ، ولم يعط بنو آدم أفضل من اليقين . ـ اللهم أرزقنا اليقين ـ.
21ـ وسئل عن خيار العباد ؟ فقال عليه السلام :
الذين إذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أساءوا استغفروا .
وإذا أعطوا شكروا ، وإذا ابتلوا صبروا ، وإذا غضبوا عفوا .
ـ اللهم أجعلنا منهم ـ.
22ـ وسئل عليه السلام عن حد التوكل ؟
فقال عليه السلام : أن لا تخاف أحدا إلا الله.
23ـ وقال عليه السلام : من السنة إطعام الطعام عند الزواج .
24ـ وقال عليه السلام : الإيمان أربعة أركان :
التوكل : على الله ، والرضا : بقضاء الله ، والتسليم : لأمر الله ، والتفويض : إلى الله ، وقال العبد الصالح ـ مؤمن آل فرعون ـ : " وأفوض أمري إلى الله فوقاه الله سيئات ما مكروا " غافر : 44.
25ـ وقال عليه السلام : صل رحمك ولو بشربة من ماء ، وأفضل ما توصل به الرحم كف الأذى عنها ، وقال : في كتاب الله : ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ، البقرة : 266 .
26ـ وقال عليه السلام : إن من علامات الفقه : الحلم والعلم .
والصمت باب من أبواب الحكمة . إن الصمت يكسب المحبة ، إنه دليل على كل خير (حق ) .
27ـ وقال عليه السلام : إن الذي يطلب من فضل يكف به عياله
أعظم أجرا من المجاهد في سبيل الله .
28ـ وقيل له : كيف أصبحت ؟
فقال عليه السلام : أصبحت بأجل منقوص ، وعمل محفوظ ، والموت في رقابنا ، والنار من ورائنا ، ولا تدري ما يفعل بنا .
29ـ وقال عليه السلام : خمس من لم تكن فيه فلا ترجوه لشيء من الدنيا والآخرة : من لم تعرف الوثاقة في أرومته ـ أصله ـ ، والكرم في طباعه ، والرصانة في خلقه ، والنبل في نفسه ، والمخافة لربه .
30ـ وقال عليه السلام : ما التقت فئتان قط إلا نصر أعظمهما عفوا .
31ـ وقال عليه السلام : السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه ، والبخيل لا يأكل من طعام الناس لكي لا يأكلوا من طعامه .
32ـ وقال عليه السلام : إنا أهل بيت نرى وعدنا علينا دينا ، كما صنع رسول الله صلى الله عليه و على أهله و أصحابه و سلم .
33ـ وقال عليه السلام : يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء : تسعة منها في اعتزال الناس ، وواحد في الصمت .
34ـ وقال له معمر ابن خلاد : عجل الله فرجك .
فقال عليه السلام : يا معمر ذاك فرجكم أنتم ، فأما أنا فوالله ما هو إلا مزود فيه كف سويق مختوم بخاتم .
35ـ وقال عليه السلام : عونك للضعيف أفضل من الصدقة .
36ـ وقال عليه السلام : لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى تكون فيه خصال ثلاث : التفقه في الدين . وحسن التقدير في المعيشة . والصبر على الرزايا.
37ـ وقال عليه السلام لأبي هاشم داود ابن القاسم الجعفري : يا داود إن لنا عليكم حقا برسول الله صلى الله عليه و سلم ، وإن لكم علينا حقا .
فمن عرف حقنا وجب حقه ، ومن لم يعرف حقنا فلا حق له .
38ـ وحضر عليه السلام : يوما مجلس المأمون وذو الرآستين حاضر ، فتذاكروا الليل والنهار وأيهما خلق قبل صاحبه . فسأل ذو الرآستين الرضا عليه السلام عن ذلك ؟
فقال عليه السلام له : تحب أن أعطيك الجواب من كتاب الله أم حسابك ؟ فقال : أريده أولا من الحساب ، فقال عليه السلام : أليس تقولون : إن طالع الدنيا السرطان ، وإن الكواكب كانت في أشرافها ؟ قال : نعم .
قال عليه السلام : فزحل في الميزان ، والمشتري في السرطان ، والمريخ في الجدي ، والزهرة في الحوت ، والقمر في الثور ، والشمس في وسط السماء في الحمل ، وهذا لا يكون إلا نهارا .
قال : نعم . قال : فمن كتاب الله ؟
قال عليه السلام : قوله : لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار ، أي أن النهار سبقه . يس : 40 . .
39ـ قال عبد العلي ابن شعيب دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فقال لي : يا عبد العلي ابن حسن : من أحسن الناس معاشا ؟ قالوا : يا سيدي أنت أعلم به مني . فقال عليه السلام : يا عبد العلي ابن حسن : معاش غيره في معاشه .
يا عبد العلي : من أسوء الناس معاشا ؟ قالوا : أنت أعلم . قال : من لم يعش غيره في معاشه .
يا عبد العلي : أحسنوا جوار النعم ، فإنها ما نأت ـ بعدت ـ عن قوم فعادت إليهم .
يا عبد العلي : إن شر الناس من منع رفده ، وأكل وحده ، وجلد عبده .
40ـ وقال له عليه السلام رجل في يوم الفطر : إني أفطرت اليوم على تمر و لبن . فقال عليه السلام : جمعت السنة والبركة .
41ـ وقال عليه السلام لأبي هاشم الجعفري : يا أبا هاشم العقل : حباء من الله ، والأدب كلفة ، فمن تكلف الأدب قدر عليه ، ومن تكلف العقل لم يزدد بذلك إلا جهلا .
42ـ وقال أحمد ابن عمر والحسين ابن زيد : دخلنا على الرضا عليه السلام فقلنا : إنا كنا في سعة من الرزق وغضارة من العيش ، فتغيرت الحال بعض التغير فادع الله أن يرد ذلك إلينا ؟
فقال عليه السلام : أي شيء تريدون أن تكونوا؟
أيسركم أن تكونوا على خلاف ما أنتم عليه؟
فقالوا : لا والله ما سرني أن لي الدنيا بما فيها ذهبا وفضة وإني على خلاف ما أنا عليه .
فقال عليه السلام : أحسن الظن بالله ، فإن من حسن ظنه بالله كان الله عند ظنه ، ومن رضي بالقليل من الرزق قبل منه اليسير من العمل ، ومن رضي باليسير من الحلال : خفت مئونته ، ونعم أهله ، وبصره الله داء الدنيا ودواءها ، وأخرجه منها سالما إلى دار السلام .
43ـ وقال له ابن السكيت : ما الحجة على الخلق اليوم ؟
فقال عليه السلام : العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه ، والكاذب على الله فيكذبه . فقال ابن السكيت : هذا والله هو الجواب .
44ـ وقال عليه السلام : لا يقبل الرجل يد الرجل فإن قبل يده فكأنما صلى عليه .
وفي الكافي[7] قال : لا يقبل رأس أحد ولا يده إلا يد رسول الله أو من أريد به رسول الله صلى الله عليه و سلم .
45ـ وقال عليه السلام : قبلة الأم على اليد و الرأس .
46ـ وقال عليه السلام : ليس لبخيل راحة ، ولا لحاسد لذة ، ولا لطاغية وفاء ، ولا لكذاب مروءة .
47ـ سئل الرضا عليه السلام عن طعم الخبز والماء .
فقال عليه السلام : طعم الماء طعم الحياة ، وطعم الخبز طعم العيش .
48ـ عن العباس ابن المأمون ، عن أبيه قال :
قال لي عبد العلي ابن موسى الرضا عليهم السلام ثلاثة موكل بها ثلاثة :
تحامل الأيام على ذوي الأدوات الكاملة ، واستيلاء الحرمان على المتقدم في صنعته ، ومعاداة العوام على أهل المعرفة .
49ـ عن محمد ابن عبيدة قال : دخلت على الرضا عليه السلام فبعث إلى صالح ابن سعيد فحضرنا جميعا فوعظنا ثم قال :
إن العابد من بني إسرائيل لم يكن عابدا حتى يصمت عشر سنين ، فإذا صمت عشر سنين كان عابدا . ثم قال : قال أبو جعفر عليه السلام :
كن خيرا لا شر معه ، كن ورقا لا شوك معه .
ولا تكن شوكا لا ورق معه ، وشرا لا خير معه .
ثم قال إن الله : يبغض القيل والقال ،وإضاعة المال ، وكثرة السؤال.
ثم قال : إن بني إسرائيل شددوا فشدد الله عليهم ، قال لهم موسى عليه السلام : اذبحوا بقرة ، قالوا : ما لونها ، فلم يزالوا شددوا حتى ذبحوا بقرة يملا جلدها ذهبا ـ لغلائها ـ.
ثم قال إن بوعزامة عبد العلي ابن أبي طالب عليهم السلام و رحمة الله و بركته قال : إن الحكماء ضيعوا الحكمة لما وضعوها عند غير أهلها .
عن فقه الرضا عليه السلام باب حق النفوس من باب الديات .
50ـ قال عليه السلام : سلوا ربكم العافية في الدنيا والآخرة ، وقال : العافية المُلك الخفي ، إذا حضرت لم يؤبه لها ، وإن غابت عرف فضلها .
51ـ وقال عليه السلام : اجتهدوا أن يكون زمانكم أربع ساعات :
ساعة : لله لمناجاته ، وساعة : لأمر المعاش ، وساعة : لمعاشرة الأخوان الثقاة والذين يعرفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن . وساعة : تخلون فيها للذاتكم ، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث الساعات : لا تحدثوا أنفسكم بالفقر ، ولا بطول العمر ، فإنه من حدث نفسه بالفقر بخل ، ومن حدثها بطول العمر حرص ، اجعلوا لأنفسكم حظا من الدنيا بإعطائها ما تشتهي من الحلال ، وما لم يثلم المروءة ولا سرف فيه ، واستعينوا بذلك على أمور الدنيا ، فإنه نروي :" ليس منا من ترك دنياه لدينه ، ودينه لدنياه " .
52ـ وقال عليه السلام : وتفقهوا في دين الله ، فإنه روي :
من لم يتفقه في دينه ما يخطئ أكثر مما يصيب .
فإن الفقه : مفتاح البصيرة ، وتمام العبادة ، والسبب إلى المنازل الرفيعة ، وحاز المرء المرتبة الجليلة في الدين والدنيا .
فضل الفقيه على العباد كفضل الشمس على الكواكب .
ومن لم يتفقه في دينه لم يزك الله له عملا .
53ـ وقال عليه السلام : لو وجدت شابا من شبابنا لم يتفقه في الدين لضربته ضربة بالسيف ، وروي غيري عشرون سوطا ، وأنه قال : تفقهوا وإلا أنتم جهال .
54ـ وروي أنه قال عليه السلام :
منزلة الفقيه : في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل .
55ـ وقال عليه السلام : روي : أن الفقيه ، يستغفر له ملائكة السماء ، وأهل الأرض ، والوحش والطير ، وحيتان البحر .
56ـ وقال عليه السلام : وعليكم بالقصد في الغنى والفقر ، والبر من القليل والكثير ، فإن الله تبارك وتعالى يعظم شقة التمرة حتى يأتي يوم القيامة كجبل أحد .
57ـ وقال عليه السلام : إياكم والحرص والحسد ، فإنهما : أهلكا الأمم السالفة ، وإياكم والبخل : فإنها عاهة لا تكون في حر ولا مؤمن ، إنها خلاف الإيمان .
58ـ وقال عليه السلام : عليكم بالتقوى ، فإنه روي : من لا تقوى له لا دين له ، وروي : تارك التقوى كافر ، وروي : اتق حيث لا يتقى ، التقوى دين منذ أول الدهر إلى آخره ،
59ـ وقال عليه السلام : تزاوروا تحابوا وتصافحوا ، ولا تحاشموا ، فإنه روي : المحتشِم والمحتشَم ـ المتغاضبان ـ في النار .
60ـ وقال عليه السلام : لا تأكلوا الناس بآل محمد ، فإن التأكل بهم كفر .
61ـ وقال عليه السلام : لا تستقلوا قليل الرزق فتحرموا كثيره .
62ـ وقال عليه السلام : عليكم في أموركم بالكتمان في أمور الدين والدنيا ، فإنه روي " أن الإذاعة كفر " وروي " المذيع والقاتل شريكان " وروي " ما تكتمه من عدوك فلا يقف عليه " .
63ـ وقال عليه السلام : لا تغضبوا من الحق إذا صدعتم به ، ولا تغرنكم الدنيا ، فإنها لا تصلح لكم كما لا تصلح لمن كان قبلكم ممن اطمأن إليها .
64ـ وقال عليه السلام :
إن الدنيا : سجن المؤمن ، والقبر : بيته ، والجنة : مأواه .
و الدنيا : جنة الكافر ، والقبر : سجنه ، والنار : مأواه ".
65ـ وقال عليه السلام : عليكم بالصدق ، وإياكم والكذب ، فإنه لا يصلح إلا لأهله .
66ـ وقال عليه السلام : أكثروا من ذكر الموت فإنه روي :
أن ذكر الموت أفضل العبادة .
67ـ وقال عليه السلام : وأكثروا من الصلاة على سيدنا محمد وعلى أهله و أصحابه عليهم السلام والدعاء للمؤمنين والمؤمنات في آناء الليل والنهار ، فإن الصلاة على سيدنا محمد و على أهله و أصحابه أفضل أعمال البر ، واحرصوا على قضاء حوائج المؤمنين و المؤمنات وإدخال السرور عليهم ودفع المكروه عنهم ، فإنه ليس شيء من الأعمال عند الله عز وجل أفضل من إدخال السرور على المؤمن .
68ـ وقال عليه السلام : لا تدعوا العمل الصالح والاجتهاد في العبادة اتكالا على حب سيدنا محمد و على أهله و أصحابه عليهم السلام و رحمة الله و بركته ، لا تدعوا حب سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و أهله و أصحابه عليهم السلام و رحمة الله و بركته والتسليم لأمرهم اتكالا على العبادة ،فإنه لا يقبل أحدهما دون الآخر .
69ـ وقال عليه السلام : واعلموا أن رأس طاعة الله الرحمان الرحم ، التسليم لما عقلناه وما لم نعقله ، فان رأس المعاصي الرد عليهم ، وإنما امتحن الله عز وجل الناس بطاعته لما عقلوه وما لم يعقلوه ، إيجابا للحجة وقطعا للشبهة .
70ـ وقال عليه السلام : واتقوا الله وقولوا قولا سديدا : نصلح لكم أعمالكم وندخلكم جنات تجري تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ، ولا يفوتنكم خير الدنيا فإن الآخرة لا تلحق ولا تنال إلا بالدنيا .
وعن فقه الرضا عليه السلام أواخر باب مكارم الأخلاق .
71ـ قال عليه السلام : انظر إلى من هو دونك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك ، فإن ذلك أقنع لك وأحرى أن تستوجب الزيادة .
واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين والبصيرة ، أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين .
واعلم : أنه لا ورع : أنفع من تجنب محارم الله ، والكف عن أذى المؤمن ، ولا عيش : أهنأ من حُسن الخلق ، ولا مال : أنفع من القنوع ، ولا جهل : أضر من العجب ، ولا تخاصم العلماء : ولا تلاعبهم ولا تحاربهم ولا تواضعهم ـ تتركهم ـ .
72ـ وقال عليه السلام : من احتمل الجفاء لم يشكر النعمة .
73ـ وقال عليه السلام : رحم الله عبدا حببنا إلى الناس ولم يبغضنا إليهم ، وأيم الله لو يرون محاسن كلامنا لكانوا أعز ولما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشيء .
74ـ وقال عليه السلام : عليكم : بتقوى الله ، والورع ، والاجتهاد ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وحسن الجوار ، فبهذا جاء بوعزامة محمد صلى الله عليه وعلى أهله و أصحابه و سلم .
صلّوا : في عشائركم ، وصلوا : أرحامكم ، وعودوا : مرضاكم ، واحضروا : جنائزكم .
كونوا : زينا لنا ولا تكونوا شينا لنا ، حببونا : إلى الناس ولا تبغضونا إليهم ، جروا إلينا : كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح ، وما قيل فينا من خير فنحن أهله ، وما قيل فينا من شر فما نحن كذلك ، و الحمد لله و الشكر لله الرحمان الرحم رب العرش العظيم .
75ـ وقال عليه السلام : أن رجلا قال للصادق عليه السلام و رحمة الله و بركته : يا ابن رسول الله صلى الله عليه و على أهله و أصحابه و سلم فيم المروءة .
فقال عليه السلام : أن لا يراك الله حيث نهاك ، ولا يفقدك حيث أمرك .
وفي كتاب كشف الغمة قال الآبي في نثر الدرر :
76ـ سئل الرضا عليه السلام عن صفة الزاهد .
فقال عليه السلام : متبلغ بدون قوته ، مستعد ليوم موته ، متبرم بحياته .
77ـ وسئل عليه السلام عن القناعة ؟
فقال عليه السلام : القناعة : تجتمع إلى صيانة النفس ، وعز القدر .
وطرح مؤن الاستكثار ، والتعبد لأهل الدنيا .
ولا يسلك طريق القناعة إلا رجلان : إما متعلل ـ متعبد ـ يريد أجر الآخرة ، أو كريم متنزه عن لئام الناس .
78ـ وامتنع عنده رجل من غسل اليد قبل الطعام ، فقال عليه السلام : اغسلها : والغسلة الأولى لنا ، وأما الثانية فلك فإن شئت فاتركها.
79ـ قال عليه السلام : في قول الله عز و جل : " فاصفح الصفح الجميل "غافر : 84 قال : عفو بغير عتاب .
80ـ قال عليه السلام : في قوله " خوفا وطمعا " الرعد : 13 قال : خوفا للمسافر ، وطمعا للمقيم [14] .
81ـ وقال عليه السلام : الأجل آفة الأمل ، والعرف ذخيرة الأبد ، والبر غنيمة الحازم ، والتفريط مصيبة ذوي القدرة ، والبخل يمزق العرض ، والحب داعي المكاره ، وأجل الخلائق وأكرمها :
اصطناع المعروف ، وإغاثة الملهوف ، وتحقيق أمل الأمل ، وتصديق مخيلة الراجي ، والاستكثار من الأصدقاء في الحياة يكثر الباكين بعد الوفاة .
وفي تذكرة ابن حمدون قال عليه السلام:
82ـ وقال عليه السلام : لا يعدم المرء دائرة السوء مع نكث الصفقة ، ولا يعدم تعجيل العقوبة مع ازدراء البغي .
83ـ وقال عليه السلام : الناس ظربان :
بالغ لا يكتفي ، وطالب لا يجد .
وذكر في كتاب الدرة الباهرة :
84ـ قال الرضا عليه السلام : من شبه الله بخلقه فهو مشرك ، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر .
85ـ وقال عليه السلام : من طلب الأمر من وجهه لم يَزل ، فإن زلَ لم تخذ له الحيلة .
86ـ وقال عليه السلام : الأنس يذهب المهابة ، والمسألة ـ المسكنة ـ مفتاح في البؤس .
87ـ وأراد المأمون قتل رجل فقال له: ما تقول يا أبا الحسن ؟
فقال عليه السلام : إن الله لا يزيد بحسن العفو إلا عزا ، فعفا عنه .
88ـ وقال عليه السلام : اصحب السلطان بالحذر ، والصديق بالتواضع ، والعدو بالتحرز ، والعامة بالبشر .
89ـ وقال عليه السلام : المشيئة الاهتمام بالشيء ، والإرادة إتمام ذلك الشيء .
90ـ عن أيوب ابن نوح قال : قال الرضا عليه السلام :
سبعة أشياء بغير سبعة أشياء من الاستهزاء :
من استغفر بلسانه ولم يندم بقلبه فقد استهزأ بنفسه .
ومن سأل الله التوفيق ولم يجتهد فقد استهزأ بنفسه .
و من أستحزم ولم يحذر فقد استهزأ بنفسه .
ومن سأل الله الجنة ولم يصبر على الشدائد فقد استهزأ بنفسه .
ومن تعوذ بالله من النار ولم يترك شهوات الدنيا فقد استهزأ بنفسه .
و من ذكر الموت و لم يستعد له فقد استهزأ بنفسه .
ومن ذكر الله ولم يستبق إلى لقائه فقد استهزأ بنفسه .
91ـ وقال عليه السلام : الاسترسال بالأنس يذهب المهابة .
92ـ وقال عليه السلام : من صدق الناس كرهوه .
93ـ وقال عليه السلام للحسن ابن سهل : وقد عزاه بموت ولده : التهنئة بآجل الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة .
94ـ وقال عليه السلام : إن للقلوب : إقبالا وإدبارا ، ونشاطا وفتورا ، فإذا أقبلت بصرت وفهمت ، وإذا أدبرت كلت وملت ، فخذوها عند إقبالها ونشاطها ، واتركوها عند أدبارها وفتورها .
95ـ وقال عليه السلام : من كثرت محاسنه مدح بها ،
96ـ وقال عليه السلام : من لم تتابع رأيك في صلاحه ، فلا تصغ إلى رأيه ،
97ـ وقال عليه السلام : طوبى لمن شغل قلبه بشكر النعمة .
98ـوقال عليه السلام:لا يختلط بالسلطان في أول اضطراب الأمور.
99ـ وقال عليه السلام : كفاك من يريد نصحك بالنميمة ما يجد من سوء الحساب في العاقبة .
100ـ وقال عليه السلام : لا خير في المعروف إذا رخص .
102ـ وقد قال له رجل : إن الله فوض إلى العباد أفعالهم ؟
فقال عليه السلام : هم أضعف من ذلك وأقل .
قال : فجبرهم ؟
قال عليه السلام : هو أعدل من ذلك وأجل .
قال : فكيف تقول ؟
قال عليه السلام : نقول : إن الله أمرهم ونهاهم وأقدرهم على ما أمرهم به و نهاهم عنه .
103ـ سأله عليه السلام الفضل ابن الحسن ابن سهل : الخلق مجبورون ؟
قال عليه السلام : الله أعدل من أن يجبر ويعذب .
قال : فمطلقون ؟
قال عليه السلام : الله أحكم أن يهمل عبده ويكله إلى نفسه .
من كتاب الدر :
104ـ وقال عليه السلام : اتقوا الله أيها الناس في نعم الله عليكم ، فلا تنفروها عنكم بمعصيته ، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه .
واعلموا أنكم لا تشكرون الله بشيء : بعد الإيمان بالله ورسوله وبعد الاعتراف بحق أولياء الله من ذرية سيدنا محمد عليهم السلام و رحمة الله و بركته ، أحب إليكم من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم إلى جنات ربهم ، فإن من فعل ذلك كان من خاصة الله .
105ـ وقال عليه السلام : من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر ، ومن خاف أمن ، ومن اعتبر أبصر ، ومن أبصر فهم ، ومن فهم عقل .
106ـ وقال عليه السلام : صديق الجاهل في تعب ، وأفضل المال ما وقي به العرض ، وأفضل العقل معرفة االله و معرفة رسول الله و معرفة إمام زمنكم ، والمؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل ، وإذا قدر لم يأخذ أكثر من حقه .
107ـ وقال عليه السلام : الكفار هم الغوغاء قتلة الأنبياء ما رضي الله عنهم أبدا حتى قال فيهم : بل هم أضل سبيلا .
108ـ وقال عليه السلام : التواضع درجات : منها أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم ، لا يحب أن يأتي إلى أحد إلا مثل ما يؤتى إليه ، إن أتى إليه سيئة واراها بالحسنة ، كاظم الغيظ ، عاف عن الناس ، والله يحب المحسنين .
109ـ عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام و رحمة الله و بركته أنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و على أهله و أصحابه و سلم : أول من يدخل النار أمير متسلط لم يعدل ، وذو ثروة من المال لم يعط المال حقه ، وفقير فخور .
110 - في عيون أخبار الرضا بالأسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه و على أهله و أصحابه و سلم :
مثل المؤمن : عند الله عز وجل ، كمثل ملك مقرب .
وإن المؤمن : عند الله عز وجل أعظم من ذلك .
وليس شيء أحب إلى الله من مؤمن تائب، أو مؤمنة تائبة [23].
و سبحان الله و سلام على المرسلين و الحمد لله و الشكر لله الرحمان الرحم